
كيف أسقط الغزو الأميركي الدولة العراقية؟
وكيف تحولت الدولة ذات التاريخ العريق إلى مسرح لصراعات طائفية وحروب بالوكالة؟
وماذا كانت تداعيات هذا الانهيار على الشعب العراقي والمنطقة؟
ما الذي حدث؟
في مارس 2003، شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها غزوًا عسكريًا واسع النطاق على العراق، مبررة العملية بوجود أسلحة دمار شامل وارتباطات بالإرهاب، رغم أن هذه المبررات تبين لاحقًا عدم دقتها.
تم الإطاحة بنظام صدام حسين بسرعة، لكن السلطة التي تبعت الغزو لم تتمكن من احتواء الفوضى التي أعقبتها.
تدهورت الأوضاع الأمنية، واندلعت موجات من العنف الطائفي، وتصاعدت الهجمات المسلحة، مما أدى إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين.
هل كان الغزو مفتعلاً؟ ومن المستفيد؟
العدوان الأمريكي لم يكن مجرد استجابة لأحداث 11 سبتمبر، بل كان نتاجًا لاستراتيجية تغيير النظام في الشرق الأوسط.
المستفيدون الرئيسيون هم الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين سعت سياساتهم لإعادة رسم خريطة المنطقة على أسس تتناسب مع مصالحهم.
إضافة إلى ذلك، استفادت بعض القوى السياسية والدينية العراقية التي استغلت الفراغ الأمني والسياسي لترسيخ نفوذها عبر تحشيد طائفي.
خلفيات الحدث: نظام معزول وصراعات داخلية
صدام حسين حكم العراق بنظام استبدادي قمعي، لكن الدولة كانت قوية ومتماسكة.
الانقسامات الطائفية كانت موجودة لكنها محكومة بسيطرة مركزية، حتى سقوط النظام.
التدخل الدولي والإقليمي سهل تفكك الدولة وأدى إلى صراعات داخلية عميقة.
ماكينة التفتيت: الاحتلال والميليشيات
بعد الغزو، انهارت المؤسسات الأمنية والعسكرية، وظهرت ميليشيات مسلحة متنافسة، بعضها مدعوم من دول إقليمية، تحولت العراق إلى ساحة صراع طائفي.
الاحتلال الأمريكي اعتمد على استراتيجيات إضعاف الدولة لتفكيكها، مما زاد من تعقيد الأزمة.
الأطراف المتورطة: لعبة قوى إقليمية ودولية
الولايات المتحدة، إيران، السعودية، تركيا، ودول أخرى، دخلت في صراع على النفوذ داخل العراق، داعمة أطرافاً مختلفة لتعزيز مصالحها.
هذه التدخلات جعلت العراق ملعبًا لحروب بالوكالة، وأطالت أمد الأزمات.
الحصيلة: دولة منهارة وشعب معذب
مئات الآلاف من القتلى، ملايين النازحين داخليًا وخارجيًا.
تدمير البنية التحتية، انهيار الخدمات الأساسية، وضعف سيادة القانون.
انقسامات اجتماعية وسياسية عميقة ما زالت تعيق استقرار العراق.
دفن الحقيقة: غياب العدالة والمصالحة
لم تتم محاسبة أي طرف دولي على الانتهاكات التي وقعت.
الداخل العراقي يعاني من فساد مستشري وانقسام سياسي لا يقل خطورة عن الحرب.
الضحايا غالباً ما يُنسون في صراعات السلطة.
خاتمة: العراق بين ماضي مأساوي ومستقبل غامض
العراق بعد الغزو هو مثال صارخ على تداعيات الحروب الخارجية والتدخلات غير المسؤولة.
الطريق إلى الاستقرار يتطلب إصلاحات عميقة، محاسبة حقيقية، وإرادة وطنية قوية.
لكن يبقى السؤال: هل ستتكرر التجارب ذاتها أم ينجح العراق في تجاوز هذه المحنة؟
سلسلة: الكوارث العربية الكبرى