
لم تعد الرواية التي طالما قدمها الاحتلال الإسرائيلي عن نفسه كقوة لا تقهر، قادرة على إقناع الداخل العبري بعد الحرب الأخيرة على غزة. فشل الردع، الذي كان ركيزة أساسية في الخطاب السياسي والعسكري، كشف هشاشة هذا النموذج وأثار أزمات وجودية في الخطاب الرسمي، وأعاد فتح نقاشات داخلية حول الهوية، الأمن، والثقة بالمؤسسات.
انهيار الأسطورة: الردع الإسرائيلي بين الواقع والمأمول
على مدى عقود، استندت إسرائيل إلى استراتيجية ردع مبنية على التفوق العسكري والتكنولوجيا المتقدمة. لكن المواجهة في غزة كشفت عن محدودية هذه الاستراتيجية، حيث فشلت في تحقيق أهدافها الحاسمة، وتعطلت صورة الحصانة الأمنية التي رسختها وسائل الإعلام الحكومية.
هذا الفشل أدى إلى ارتباك في سردية الدولة، وأدى إلى انقسام داخل المجتمع العبري بين من يتمسك بالخطاب التقليدي، ومن بدأ يشكك في فعالية هذا النموذج.
صراع الخطاب: من الرعب إلى إعادة التقييم
الخطاب الرسمي الآن يعاني من أزمة ثقة؛ حيث لم تعد التحذيرات الأمنية تُستقبل كأمر مسلم به، وتزايدت الأصوات التي تطالب بمراجعة سياسية جذرية، تضع في الاعتبار نتائج الحرب وتأثيرها على الواقع الداخلي.
التطرف الأمني من جهة، والنداءات للتسوية من جهة أخرى، يشكلان معركة سردية داخلية تعكس انقسامًا عميقًا في المجتمع حول مستقبل الاحتلال.
التأثير النفسي والاجتماعي: كيف تتفاعل الجماهير؟
الخبراء الاجتماعيون يشيرون إلى أن الصدمة الجماعية التي خلفتها الحرب تركت أثرًا نفسيًا ينعكس في تراجع الروح المعنوية، وارتفاع مستويات القلق والخوف. هذه الحالة تفتح المجال لظهور خطاب سياسي جديد يسعى إلى إعادة بناء الثقة أو على الأقل تخفيف الغضب من خلال تغيير الخطاب.
الاستنتاج: من يُعيد صياغة الخطاب؟
في ظل هذه الأزمة، السؤال المركزي هو: من يمتلك القدرة على إقناع الداخل؟ هل هو السياسيون التقليديون الذين فقدوا مصداقيتهم؟ أم قوى جديدة تطرح سرديات بديلة تعيد بناء صورة مستقبلية تلبي مخاوف وأمال المجتمع العبري؟
الإجابة ليست سهلة، لكنها تعكس مرحلة مفصلية قد تعيد تشكيل السياسة الداخلية الإسرائيلية على المدى المتوسط.