العبث المنظم: الوقت المستعار: كيف صرنا نعيش زمنًا لا نملكه؟

لم يعد الزمن ملكًا لصاحبه.

نحن نعيش في زمنٍ لا نملكه، بل نستعيره من الآخرين، ونردّه ممزّقًا، بلا أثر، بلا معنى.

الزمن المُؤجَّر

في المنظومة المعاصرة، لا يُقاس الوقت بما تصنعه فيه، بل بما تدفعه مقابله.
• ساعة العمل تُقاس بالدخل
• ساعة الترفيه تُقاس بالاشتراك
• ساعة الاستهلاك تُقاس بالإعلان
• وساعة الفراغ تُحوَّل إلى “محتوى”

لقد تحوّل الزمن إلى عملة، لا إلى حياة.

من الذي يملك وقتك؟

أغلب الناس اليوم لا يملكون وقتهم، حتى وهم أحرار:
• تستيقظ على منبّه هاتفي
• تتحرّك وفق جداول الآخرين
• تُقاطعك الإشعارات كل 10 دقائق
• تنهي يومك بتحديثات التطبيقات

ووسط كل هذا، تسأل:
أين ذهب يومي؟
لكنه لم يذهب، لقد أُخذ منك ببطء، دون مقاومة.

زمن بلا وعي

حتى لحظات التأمل البسيطة، لم تعد متاحة.
لأن كل فراغٍ في الزمن يتم ملؤه تلقائيًا بشيء:
• إعلان
• إشعار
• عرض
• تسلية
• محتوى عابر

نحن لا نعيش زمننا… نحن نُدَار داخله.
نحن نستهلك “اللحظة”، دون أن نمتلكها.

قيمة الزمن الحقيقية

الزمن ليس هو “الدقائق التي تمضي”، بل “الأثر الذي تتركه”.
وكل لحظة لا تحوي أثرًا، لا تنتمي لك، حتى لو عشتها ظاهرًا.

أن تمتلك زمنك، يعني أن:
• تختار متى تصمت
• متى تنشغل
• متى تنسحب
• ومتى تقول: "كفى"

خاتمة

الوقت المستعار لا يُعاش، بل يُستَهلَك.
وفي عالمٍ يُعيد تدوير انتباهك كل ثانية، فإن أكبر تمرّد يمكن أن تقوم به، هو أن تستعيد زمـنـك.

أن تخلق وقتًا خاصًا بك، لا يتحكّم فيه أحد.
وقتًا لا تبيعه، لا تستهلكه، لا تملؤه… بل تعيشه.

سلسة: العبث المنظم.. نقد حضارة اللاجدوى

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.

✉️ 📊 📄 📁 💡