
ماذا وراء دعوة تسليم السلطة والسلاح؟
ليست الغاية مجرد تهدئة أو وقف لإطلاق النار، بل تفكيك البنية العسكرية والسياسية للمقاومة في غزة. فالمبادرة تُطالب حماس بتسليم الحكم والسلاح، دون أي مقابل سياسي أو أمني، ودون ضمانات لرفع الحصار أو وقف العدوان الإسرائيلي. هذه ليست عملية "مصالحة"، بل عملية "إخراج" من المعادلة.
الهدف الحقيقي هو تصفية المشروع المقاوم، وتحويل غزة إلى منطقة منزعة السلاح، تمهيدًا لإعادة إدماجها في نظام سياسي "مُدار" من الخارج، يخضع للتنسيق الأمني ويروّج لسلام وهمي بلا كرامة ولا سيادة.
أين الدولة العدو؟ ولماذا يُطلب نزع سلاح الضحية؟
نزع سلاح الإحتلال أيضا؟
اللافت في الخطاب العربي أن المبادرة لا تطرح أي مطالبة متزامنة بنزع سلاح الاحتلال أو محاسبة الجرائم التي ارتكبها بحق آلاف المدنيين. لا حديث عن مجازر، ولا عن الحصار، ولا عن تهجير السكان، بل التركيز كله مُنصبّ على الجهة التي قاومت! هذا الانحراف الخطير في المنطق يُبرز الازدواجية الأخلاقية والسياسية التي تسود مواقف كثير من الأنظمة.
الدور الإقليمي: وسطاء أم أوصياء؟
مصر تتحرك باعتبارها "البوابة الإقليمية" لغزة، وتخشى انفجارًا حدوديًا، لكنها تتماهى مع المطالب الغربية في ضبط القطاع.
قطر التي دعمت المقاومة سابقًا، تغيّر الآن تموضعها باتجاه دور "الوسيط المحايد"، لكنها عمليًا تدير مشاريع إعادة الإعمار بشروط دولية.
السعودية تستخدم المبادرة كجزء من إستراتيجية تلميع صورتها عالميًا، واستثمارها كرصيد تفاوضي في مشاريع التطبيع المتأخرة.
بهذا، يتحول المشهد إلى وساطة لا تنطلق من مصلحة الشعب الفلسطيني، بل من أجندة هندسية سياسية تتقاطع فيها المصالح الأمنية الإسرائيلية مع طموحات الهيمنة الإقليمية.
لا حلول بلا سيادة
إن أي مبادرة لا تنطلق من الاعتراف بشرعية مقاومة الاحتلال، ولا تُحمّل المعتدي مسؤولية ما جرى، ستظل مشروعًا لإعادة إنتاج التبعية. لن يكون هناك "سلام" حقيقي إذا كان ثمنه هو تجريد الضحية من أدواتها للدفاع، وتسليم السلطة لمن ثبت فشلهم سابقًا، فقط لأنهم "مرنون" مع الشروط الدولية.
خلاصة تحليلية
الخلاصة
إن الدعوة العربية لتسليم حماس السلطة والسلاح ليست مبادرة إنقاذ، بل مبادرة تصفية. الهدف ليس وقف الحرب، بل وقف المقاومة. وما يُطرح الآن ليس حلاً، بل إعادة إنتاج لواقع الاحتلال بأدوات محلية، في مشهد يُدار من خارج فلسطين، وبعقلية أمنية بحتة لا ترى في غزة إلا ملفًا يجب احتواؤه… لا شعبًا يجب أن تُصان كرامته.