بقايا دفء: حبٌّ مُقيد: لماذا نخشى الحرية في علاقاتنا؟

قراءة نقدية في التعلق، والسيطرة، والاحتياج العاطفي

يُفترض بالحب أن يكون مساحة للحرية، أن يمنح الروح أجنحتها، لا أن يقيّدها.
لكن في واقع كثير من العلاقات، يتحول الحب تدريجيًا إلى قيد: طرف يتحكم، وآخر يخضع، أو كلاهما يَتعلّق بشدة خشية الفقد، فيُخنق الحب باسم الحب.

فلماذا نخشى الحرية داخل العلاقة؟ ولماذا يتحول التعلّق أحيانًا إلى استعباد عاطفي باسم الوفاء؟

حين يتحول الحب إلى حاجة

في العلاقات غير المتزنة، لا يُبنى الحب على التبادل الحر، بل على الاحتياج العميق، فيُصبح أحد الطرفين مرآة نفسية للآخر: إن غاب، اختل التوازن.

هذا النوع من الحب لا يحتمل الحرية، لأن الحرية فيه تعني التهديد، والانفصال، واللا يقين. فيُصبح التعلق وسيلة لفرض السيطرة، لا للتقارب الحقيقي.

الخوف من الحرية: جذور نفسية

الحرية داخل العلاقة تتطلب نضجًا نفسيًا: أن أحبك رغم أنك مستقل عني، لا ملكي.

لكن كثيرين لم يتعلموا هذا النوع من الحب. فالتجارب المبكرة علمتهم أن الحب مشروط، مهدد، ويجب امتلاكه حتى لا يضيع.
وهنا يبدأ السلوك القيدي: غيرة مفرطة، رقابة، تقييد الصداقات، لوم دائم، تحت شعار: "أنا فقط من يحبك بصدق".

الحب الحر لا يعني الفوضى

الحرية العاطفية لا تعني الانفلات، بل تعني احترام المساحة الشخصية، والثقة، وتقبّل أن الآخر ليس نسخة منا، بل شريك له كيانه.

هذا النوع من الحب أقوى، لأنه لا ينبع من خوف، بل من اختيار واعٍ ومتجدد.

خلاصة

الحب الحقيقي لا يقيد، ولا يُعلّق بشرط، ولا يتحول إلى سجن ناعم.
فالعاطفة التي تنمو في الحرية، تعيش أطول، وتنضج أكثر، وتسمح لكل طرف أن يكون ذاته، لا ظلًا للآخر.

سلسلة: بقايا دفء: قراءة نقدية في العاطفة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.