طرد السكان وتوطين المستوطنين مكانهم: حين تُسرق الحياة بكل ما فيها

في القدس والضفة الغربية، لا تُهدم البيوت فقط، بل تُسرق وهي قائمة. تُطرد العائلة الفلسطينية من منزلها بقرار عسكري، وأحيانًا بأوامر "قضاء الاحتلال"، وبعد أيام أو ساعات، يُسكن في البيت نفسه مستوطنٌ جديد، ينشر علم إسرائيل على الشرفة، ويُدخِل أثاثه كأنه المالك الحقيقي.

هنا لا نتحدث عن حرب عسكرية، بل عن مشهد سطوٍ قانونيّ موثّق، تُرتكب فيه الجريمة أمام عدسات الكاميرات، ويُكافأ المجرم بالإقامة في المسروقات.

من الشيخ جراح إلى سلوان: الجريمة لها عنوان

في أحياء الشيخ جراح وسلوان والعيسوية، يُجبر السكان الفلسطينيون على إخلاء بيوتهم بزعم "ملكية يهودية قديمة" أو "عدم وجود ترخيص".
لكن الحقيقة أن الاحتلال يُوظّف شبكة معقدة من المحاكم، والمخططات الهيكلية، وقرارات الجيش، لتحويل الأحياء العربية إلى مشاريع استيطانية تدريجية.

الهدف: إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية والسياسية للقدس والضفة، بيتًا بيتًا، وحيًا حيًا.

التطهير العرقي ببدلة قانونية

الطرد لا يتم بالقصف فقط، بل بـ"القانون الإسرائيلي"، الذي يُجيز نقل ملكية بيت فلسطيني لمستوطن بزعم ملكية سابقة من القرن التاسع عشر، بينما يمنع الفلسطيني من استعادة بيته الذي طُرد منه عام 1948!

ويُكمل الجيش العملية بالحماية المباشرة للمستوطن، وقمع أي احتجاج، لتبدو الجريمة "إدارية" لا عسكرية.

الأهداف والنتائج

  1. الأهداف المباشرة للجريمة:
    الاستيلاء على المنازل الجاهزة بدل بنائها، وتوسيع المستوطنات عمليًا دون انتظار خطط طويلة أو تكاليف بناء.

  2. الأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى:
    إحداث تغيير ديموغرافي جذري في القدس والضفة، وفرض واقع "يهودي" بالقوة على الأرض، يُستخدم لاحقًا في أي مفاوضات كـ"حقائق لا رجعة فيها".

  3. النتيجة:
    تفريغ الأحياء الفلسطينية من سكانها الأصليين، وانهيار البنية الاجتماعية والعائلية، وتحويل القدس ومحيطها إلى خريطة استيطانية متصلة، تمنع قيام دولة فلسطينية ذات سيادة.

حين يسكن السارق مكان المسروق علنًا

ليست المشكلة فقط في طرد العائلة من بيتها، بل في مشهد الاستبدال نفسه: أن ترى أمًا فلسطينية تقف خارج بيتها تبكي، بينما المستوطن يُدخِل كلبه وأطفاله إلى بيت لم يُبنَ له.
إنه الاحتلال في أكثر صوره فظاظة وتجردًا من القيم: أن تُحتل حياتك قطعة قطعة، ويُمنح الغريب المفتاح دون خجل.

أحدث أقدم
🏠