
لكن، خلف هذا الدور الإنساني، توجد شبكة معقدة من النفوذ والتوجيه التي تُعيد تشكيل السياسات الصحية للدول، وتُحدّد أولويات التمويل والبحث، أحيانًا بما يخدم أجندات اقتصادية وسياسية أكثر من الصحة العامة.
تمويل وتأثيرات مشروطة
تعتمد المنظمات الصحية بشكل كبير على تمويل الدول الكبرى، والشركات الخاصة، والمؤسسات الخيرية ذات النفوذ، مما يجعلها:
- ملزمة بمراعاة مصالح الممولين.
- عرضة لتوجيه برامجها وفق مصالح سياسية أو اقتصادية.
- أقل قدرة على الاستقلالية في اتخاذ القرارات.
فرض نماذج صحية موحدة
تروج هذه المنظمات لبرامج صحية متجانسة تستهدف دول الجنوب، غالبًا دون مراعاة الفوارق الاجتماعية والثقافية، مما يؤدي إلى:
- تجاهل الحلول الصحية التقليدية والمجتمعية.
- فرض بروتوكولات طبية قد تكون غير مناسبة للسياقات المحلية.
- التركيز على أدوية وتقنيات طبية محددة تابعة لشركات معينة.
الضغط على السياسات الصحية الوطنية
تلعب المنظمات الصحية دورًا في:
- إملاء سياسات صحية على الدول المتلقية للمساعدات.
- دفع الحكومات لتبني برامج تطعيم أو علاج محددة.
- تشجيع الخصخصة في القطاع الصحي تحت شعار "تحسين الكفاءة".
حالة الأوبئة: استثمار أم إنقاذ؟
في أزمات مثل جائحة كورونا، برز دور هذه المنظمات بشكل لافت، لكن بعض التحليلات تشير إلى:
- استغلال الأزمات لفرض برامج ومشاريع تمويل ضخمة.
- خلق سوق جديدة لمنتجات وخدمات صحية تدر أرباحًا ضخمة.
- إضعاف السيادة الصحية للدول عبر المراقبة والالتزام ببرامج موحدة.
خاتمة
المنظمات الصحية الدولية ليست فقط جهات إنسانية، بل جزء من منظومة عالمية تحكمها مصالح كبرى، وتحول الصحة إلى أداة من أدوات النفوذ والتوجيه السياسي.