
مجلس الأمن.. حيث ينام الكبار مطمئنين
قلب المنظمة النابض ــ مجلس الأمن ــ صُمّم ليضمن راحة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية. الفيتو في يد خمس دول جعل الجرس بلا جدوى؛ فمهما علت رناته، يملك أحد الكبار أن يمد يده ويُسكته. كل قرار مُلزم لا يصدر إلا بإذن القوى الكبرى، وكل أزمة تُدار وفق مصالحها لا وفق العدالة. النائم هنا ليس الشعوب، بل النظام الدولي ذاته، الذي يفضّل النوم على مواجهة الحقيقة.
تقارير بلا مخالب
تصدر الأمم المتحدة عشرات التقارير كل عام: عن ضحايا النزاعات، عن الفقر، عن التغير المناخي. لكنها أقرب إلى إحصاءات في دفتر بيروقراطي. أشبه بمنبّه يذكّر النائم بالوقت، فيمد يده ويضغط الزر ليعود إلى غفوته. لا إلزام، لا أدوات تنفيذ، بل مجرد أرقام تعطي الانطباع أن هناك من "يتابع" بينما الواقع يزداد سوءًا.
التمويل.. زر الإيقاف الحقيقي
أكبر الدول المموّلة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، هي التي تحدد عمليًا متى يرنّ الجرس ومتى يصمت. أي تجاوز للخطوط الحمراء يقابله التهديد بقطع التمويل. وهكذا تُدار الأمم المتحدة كما يُدار جهاز في غرفة نوم: لا يعمل إلا بالبطاريات التي يتحكم فيها المالك.
الشرعية الانتقائية.. نومٌ مبرمج
المنظمة نفسها تُستخدم كأداة لإسباغ الشرعية على تدخل هنا، والتغاضي عن عدوان هناك. غزو العراق مرّ بلا غطاء أممي، لكنه لم يُواجَه بردع. أما ليبيا 2011 فحصل التدخل باسم الشرعية الدولية. الشرعية هنا ليست يقظة ضمير، بل برنامج نومٍ انتقائي، يضبط إيقاعه الكبار بما يناسب مصالحهم.
الخاتمة: جرس بلا أثر
الأمم المتحدة لم تعد حارسًا للعدالة بقدر ما صارت ديكورًا يُثبت أن هناك "منبّهًا" في غرفة العالم. لكن النائمين اعتادوا صوته، يمدّون أيديهم في كل مرة لإسكاته، ثم يواصلون سباتهم العميق. هي جرس ساعة بلا سلطة على الزمن، يذكّر بوجود الظلم لكنه لا يوقفه، ويعلن عن المأساة لكنه لا يمنعها.ية رمزية مرافقة لهذا المقال تُجسّد فكرة "جرس المنبّه الذي يُطفَأ ليستمر النوم"؟