
الفداء: معنى يتجاوز الموت
العملية الفدائية ليست فعلًا عسكريًا فقط، بل هي لغة رمزية تحمل رسائل عميقة:
- أن الروح قادرة على قلب موازين الحديد والتكنولوجيا.
- أن الزمن في صالح من يقاتل بعقيدة.
- أن الهزيمة العسكرية لا تكسر المعنى بل تزيده صلابة.
الفداء بهذا المعنى يحوّل الخسارة الجسدية إلى ربح معنوي، ويمنع الخصم من احتكار تعريف النصر والهزيمة.
الاستسلام: انتحار جمعي لا خيار سياسي
الاستسلام في السياق الفلسطيني لا يعني فقط تسليم السلاح، بل تسليم الوجود كله. إذ أن الاحتلال لا يقدّم حياة بديلة، بل حياة خاضعة ومجردة من الكرامة. ومن ثمّ يصبح خيار الاستسلام مساويًا للانتحار الجمعي، لا لمعادلة سياسية معقولة.
التناقض في سردية الخصم
الخطاب الإسرائيلي والغربي يشيع دائمًا أن العمليات الفدائية دليل على "يأس الفلسطينيين"، وأن "السلام" وحده هو المخرج. لكن هذا تضليل فجّ:
- فالعملية الفدائية هي إعلان أمل، لا إعلان يأس.
- والاستسلام هو إعلان موت، لا إعلان حياة.
- والجمع بينهما كبدائل واقعية يعني تجاهل المعنى الأساسي للمقاومة: أنها ولدت لأن الاستسلام لم يكن ممكنًا من الأصل.
البعد النفسي والاستراتيجي
من يقدّم حياته طوعًا في عملية فدائية، ينسف أساس الحرب النفسية التي يقوم عليها الاحتلال: الخوف من الموت. فحين يصبح الموت ذاته أداة في يد المقاتل، يفقد الخصم أعظم سلاح ردعي يملكه. لذلك، يظل الفداء نقيض الاستسلام، لا مرحلة تؤدي إليه.
الخاتمة
العملية الفدائية والاستسلام خطان متوازيان لا يلتقيان. الأول يعيد تعريف المعركة من جديد، والثاني يلغي المعركة أصلًا. الفداء يعني أن الفلسطيني اختار المعنى على الراحة، والوجود على التنازل. ولذلك فإن كل خطاب يتنبأ بـ"انكسار المقاومة" إنما يتجاهل أن الفداء ذاته هو الضمانة لغياب الاستسلام. إنه التناقض المستحيل الذي لا يمكن حله إلا بزوال سبب المعركة: الاحتلال نفسه.