
الأرقام الرسمية: إدارة للوعي لا كشف للحقيقة
يعتمد الجيش الإسرائيلي سياسة قديمة في التعامل مع خسائره البشرية: إخفاء الحجم الحقيقي للقتلى بدعوى "المصلحة الوطنية". فما يُعلن من نحو 850–900 قتيل، لا يعكس طبيعة حرب شاملة تدور داخل مناطق مكتظة ومحصنة. هذا الرقم، وإن بدا ثقيلًا على مجتمع صغير، يظل متهافتًا أمام معطيات الميدان، ويكشف أنه أداة لإدارة الوعي أكثر من كونه حقيقة عسكرية.
معادلة الآليات المدمرة
تم تدمير ما يزيد على ألفي آلية عسكرية، بين دبابات ميركافا وناقلات جنود ومدرعات متنوعة. ومن المعلوم أن:
- كل دبابة يقودها طاقم من أربعة جنود.
- كل ناقلة جنود تحمل في المتوسط عشرة أفراد أو أكثر.
إذا احتُسب نصف هذه الآليات فقط وهي مأهولة عند إصابتها، فإن حجم الخسائر البشرية يقفز إلى آلاف، لا مئات. الآلة العسكرية لا تتحرك بلا بشر، ومن المستحيل أن تكون هذه الأرقام الضخمة من الآليات المدمرة بلا انعكاس بشري مكافئ.
مروحيات الإجلاء: شهادة بغير تصريح
مشهد المروحيات التي تتناوب على إجلاء الجنود من ميادين القتال يكشف ما تتكتم عليه البيانات الرسمية. فمن العبث أن تُرسل مروحية كاملة لنقل جندي واحد، وهي التي تستوعب ما بين 15 و20 مقاتلًا. كثافة الإجلاء الجوي تعني أن حجم الإصابات والقتلى أكبر بكثير من السقف الذي تسمح الرقابة العسكرية الإسرائيلية بإظهاره.
المرتزقة: القتلى غير المرئيين
إقرار المؤسسة العسكرية أكثر من مرة بنقصٍ في القوى البشرية، واللجوء إلى استقدام مقاتلين أجانب عبر شبكات الإنترنت أو شركات الأمن الخاصة، يفتح بابًا آخر للتساؤل. هؤلاء، إن قُتلوا في المعارك، لا يدخلون في الإحصاءات الرسمية، بل يُمحَون من السجلات وكأنهم لم يوجدوا. تجاهلهم في بيانات الخسائر يضاعف الهوة بين الخطاب الرسمي وما يعتمل في الميدان.
الانتحار: المرآة النفسية للحرب
حالات الانتحار في صفوف الجنود ليست وليدة الأرقام المعلنة، بل نتاج التجربة المباشرة للجبهة. رؤية الدبابات المحترقة، وسماع أنين الجرحى، ومشاهدة رفاق السلاح يسقطون يومًا بعد يوم، تُحوّل الحرب إلى عبء نفسي ساحق. هنا يصبح الانتحار صرخة صامتة تكشف عمق الكارثة التي يمر بها الجيش، حتى لو ظلت الأرقام الرسمية محدودة.
خاتمة: الأرقام قناع والواقع أعمق
الخلاصة أن ما يُعلن ليس سوى واجهة إعلامية مُصمَّمة بعناية لإدارة الرأي العام الداخلي والخارجي. أما الحقيقة، فهي تتجلى في تدمير آلاف الآليات، وتدفق المروحيات، وتصاعد حالات الانتحار، والبحث المحموم عن مقاتلين أجانب. هذه الشواهد تجعل الرقم المعلن – أقل من ألف قتيل – غير ذي معنى أمام معركة بهذا الحجم. إننا أمام مثال صارخ على كيفية صناعة الوعي الزائف وتغليفه في قوالب "إحصائية"، بينما الواقع ينطق بلغة الدم والحديد.
ملحق تقديري بالأرقام
- دبابات ميركافا (500–600 مدمرة): متوسط 2000–2400 قتيل محتمل.
- ناقلات جنود مدرعة (1200–1400 مدمرة): متوسط 12,000–16,800 قتيل محتمل.
- مدرعات وآليات دعم (300–400 مدمرة): متوسط 600–1200 قتيل محتمل.
المجموع التقديري: ما بين 15,000 و20,000 قتيل محتمل، إذا احتُسبت الآليات المدمرة بما تحمله من أطقم وجنود.
مقارنة بالرقم الرسمي (900 فقط)، تبدو الهوة هائلة، تكشف أن ما يُدار إعلاميًا لا يتطابق مع حقيقة الميدان.