
الدين كذريعة للهيمنة السياسية
في الهند، لم يختر حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي استهداف المسلمين لأنه يهتم بمعتقداتهم، بل لأنه يريد حشد الأغلبية الهندوسية خلفه انتخابيًا. الأقلية المسلمة، بحكم حجمها الديمغرافي المحدود، تصبح ورقة مثالية للاستقطاب: عدو داخلي يُصوَّر كتهديد للهوية الوطنية، مما يعزز شعور الأغلبية بالخطر ويزيد من تماسكها خلف الحزب.
الأمر نفسه في ميانمار، حيث استُخدمت قضية الروهينغا لتعزيز ولاء الأغلبية البوذية للمؤسسة العسكرية. فالعسكر هناك لم يحاربوا "الإسلام" كدين، بل تعاملوا مع الأقلية باعتبارها عنصرًا يهدد التوازن الديموغرافي والسياسي، ومن ثم صُوِّرت كجسم دخيل لا ينتمي إلى "الوطن البوذي".
الضحية: جماعة بلا نفوذ
في كلا الحالتين، يتحول المسلمون إلى ضحايا لعبة سياسية لا يد لهم فيها.
- في الهند: المسلمون أداة انتخابية لإشغال الجماهير عن فشل اقتصادي واجتماعي أعمق.
- في ميانمار: الروهينغا وقود لاستراتيجية عسكرية تهدف إلى توحيد الأغلبية خلف الحكم القائم.
المشترك بين التجربتين أن هذه الأقليات مستهدفة ليس لأنها تمثل خطرًا حقيقيًا، بل لأنها ضعيفة سياسيًا، ما يجعلها حلقة يسهل التضحية بها في معركة السلطة.
لماذا يراها الجمهور "كراهية دينية"؟
رغم أن خلفية الاضطهاد سياسية، إلا أن الجماهير الإسلامية عالميًا تميل إلى تفسيره كعداء عقائدي للأسباب التالية:
- الصور المرئية: حرق المساجد أو طرد المسلمين يُترجم فورًا إلى نزاع ديني.
- الإعلام: التغطية تركز على الهوية الدينية للأحداث، لا على البنية السياسية التي تحركها.
- بساطة التفسير: القول بأن "العالم يكره الإسلام" أسهل وأقصر من شرح تعقيدات الاستقطاب الانتخابي أو مصالح العسكر.
- الهوية العاطفية: أي اعتداء على مسلمي أقلية في مكان ما يُستشعر مباشرة كاعتداء على العقيدة الجامعة.
الخلاصة
ما يجري في الهند أو ميانمار ليس صراعًا دينيًا خالصًا، بل هندسة سياسية للوعي: يتم استغلال الدين لتثبيت الحكم، بينما يدفع المسلمون ثمنًا باهظًا لا لأنهم يشكلون خطرًا، بل لأنهم الحلقة الأضعف في لعبة السلطة.