
صعود شرق المتوسط كقطب طاقة عالمي
اكتشاف احتياطيات الغاز في مصر وقبرص وإسرائيل ولبنان وسوريا جعل من شرق المتوسط منطقة حيوية للطاقة. هذه الثروات الجديدة لم تُعطِ الدول العربية مكانة قيادية، بل فتحت الباب أمام تدخلات خارجية مباشرة، سواء من الاتحاد الأوروبي، الذي يبحث عن بدائل للغاز الروسي، أو من الولايات المتحدة وروسيا وتركيا، كلٌ وفق مصالحه الاستراتيجية.
سايكس-بيكو جديدة؟
المشهد الراهن في شرق المتوسط يحمل أصداء سايكس-بيكو الجديدة، لكن بدلاً من رسم خرائط سياسية، يتم رسم خرائط خطوط الغاز وشبكات الطاقة. اتفاقيات الغاز بين إسرائيل وقبرص واليونان، واستثمارات الشركات الكبرى الغربية، تشير إلى تقسيم النفوذ على الموارد الطبيعية، غالبًا على حساب الدول العربية، التي تفتقر إلى استراتيجية متكاملة لحماية مصالحها في الغاز.
العالم العربي بين الفرص والمخاطر
العالم العربي في هذا الصراع يقع بين فكي التحدي والفرصة. فالوجود الأجنبي المكثف يمكن أن يوفر استثمارات وتكنولوجيا متقدمة، لكنه يقابله خطر فقدان السيادة على الموارد الوطنية. مصر تمتلك تجربة نسبية في استثمار الغاز الطبيعي وتصديره، لكن لبنان وسوريا وفلسطين لم تتح لهما الفرصة بعد، ما يترك مصائر هذه الدول رهينة لخيارات سياسية خارجية أكثر من كونها قرارات سيادية.
خطوط الغاز: أكثر من مجرد أنابيب
إن خطوط الغاز في شرق المتوسط ليست مجرد بنية تحتية، بل أدوات استراتيجية للسيطرة والنفوذ. تركيا تسعى لربط خطوط الغاز بمشاريعها الإقليمية، وإسرائيل تصر على بناء محطات تصدير الغاز لتقوية مركزها الجيوسياسي، بينما الدول العربية في الغالب تكتفي بالمراقبة أو التفاوض على الهامش، دون قدرة حقيقية على فرض قواعد اللعبة.
الخلاصة
ملف الغاز والطاقة في شرق المتوسط هو معركة جديدة للسيادة والهيمنة، يحمل خصائص سايكس-بيكو للطاقة، حيث تتداخل المصالح الأجنبية مع هشاشة الاستراتيجيات العربية. العالم العربي بحاجة إلى وحدة سياسية واستراتيجية واضحة، تحمي موارده وتعيد له موقعه الطبيعي في هذا الصراع الحيوي، بدلًا من الاكتفاء بدور المتفرج أو الشريك الهامشي في خطوط الغاز التي قد تصنع مستقبله أو تهمشه تمامًا.