
الدولة الأمنية: حماية النظام قبل حماية الشعب
في معظم الدول العربية، تحوّل الجيش والأمن من أدوات دفاع عن الأمة إلى أدوات حماية للنظام الحاكم:
- مصر: الجيش ضخم وقوي، لكنه يتركز عمليًا على ضبط الشارع والسيطرة على المعارضة، أكثر من مواجهة التهديدات الخارجية.
- سوريا: الدولة والنظام أصبحا وجهين لعملة واحدة، حيث يضمن البقاء السياسي استمرار الدولة، حتى على حساب المجتمع.
- الخليج: أجهزة الأمن تركز على مراقبة الداخل ومنع أي حراك شعبي، بينما الاعتماد على الحماية الخارجية (أمريكية وبريطانية) يضعف استقلال القرار.
هذه الحقيقة تعكس أن الدولة العربية في غالبها تعمل ضد الأمة من الداخل، عبر تقويض قدرة المجتمع على التنظيم والمبادرة السياسية.
الاقتصاد: تبعية دولية تقوض السيادة
الاقتصاد العربي مرتبط بشكل مباشر بالنظام الرأسمالي العالمي، مما يجعل استقلال الدولة في تحقيق مصالح الأمة محدودًا:
- دول النفط: الثروات الكبرى مرتبطة بأسعار النفط العالمية وسياسات الغرب، مما يقلل من القدرة على الاستثمار في مشاريع وطنية استراتيجية.
- مصر والمغرب والأردن: اقتصادات مرتبطة بالديون والمؤسسات المالية الدولية، ما يجعل سيادة القرار الاقتصادي محدودة للغاية.
- السودان: الأمثلة واضحة على كيفية استغلال الموارد كأداة للضغط الخارجي بدل أن تكون محركًا للنهضة.
النتيجة: غالبية الدول العربية أُجبرت على تبني سياسات اقتصادية خارج إرادة شعوبها، مما يضعف دور الدولة كحاضنة للأمة.
السياسة الخارجية: دور الوكيل لا صانع القرار
الدول العربية الكبرى غالبًا ما تتحرك ضمن حدود ما تسمح به القوى الغربية، ما يجعل استقلال القرار السياسي وهمًا:
- السعودية والإمارات: أدوار إقليمية كبيرة لكنها تظل مقيدة بتحالفاتها مع أمريكا.
- مصر: فقدت جزءًا كبيرًا من دورها القيادي في المنطقة، وصارت أكثر تقبلاً للمعادلات الدولية المفروضة.
- المغرب والأردن: مواقفهما الدولية غالبًا مرتبطة بالملفات الأمنية و"الخدمة" في النظام الدولي أكثر من حماية الأمة.
الاستثناءات: مقاومة نسبية أو مساحة حرية محدودة
ليست كل الدول العربية نسخة واحدة:
- الجزائر: تحافظ على استقلالية نسبية في بعض الملفات، خاصة الطاقة والعلاقات مع القوى الدولية.
- قطر: تلعب دورًا سياسيًا أكبر من حجمها الفعلي عبر الإعلام والوساطات، لكنها لا تزال مرتبطة بالسقف الأمريكي.
- اليمن ولبنان: تجارب المقاومة، رغم الهشاشة، تظهر إمكانية تحدي الوصاية الخارجية واستعادة جزء من القرار الوطني.
الخلاصة
الدولة العربية المعاصرة ليست تجسيدًا للأمة كما قد يُفترض، بل غالبًا أداة للوصاية الخارجية وحماية الأنظمة. في معظم الحالات، يمكن القول إنها تعمل ضد الأمة عبر قمع حركتها الداخلية وفرض تبعية اقتصادية وسياسية. لكن الواقع أيضًا يظهر استثناءات محدودة، حيث بعض الدول أو حركات المقاومة تحاول استعادة استقلالية القرار الوطني.
إجمالًا، الدولة العربية المعاصرة ليست عدوًا مطلقًا للأمة، لكنها غالبًا خصمها البنيوي، ما يجعل تحرير الأمة من قيود الوصاية مطلبًا لا يمكن تأجيله إذا أرادت الأمة استعادة مشروعها الحضاري والسياسي.