
التدخل الغربي في عهد البشير
خلال حكم البشير، اتسم التدخل الغربي بالضغط المباشر عبر:
- العقوبات الاقتصادية: فرضت واشنطن منذ 1997 حصارًا خانقًا على الاقتصاد السوداني، شلّ البنوك والتجارة الدولية.
- ملف الإرهاب: وُضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما جعله رهينة أي تسوية مع واشنطن.
- الملفات الإنسانية ودارفور: حُوّل الصراع في دارفور إلى منصة ضغط سياسي، culminated بإصدار مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحق البشير عام 2009.
- سياسة العصا والجزرة: كل تخفيف للعقوبات كان مشروطًا بتنازلات استراتيجية (مثل التعاون الأمني مع الاستخبارات الأمريكية في مكافحة الإرهاب).
هذا التدخل الغربي اتسم بالطابع العقابي، هدفه إضعاف النظام حتى يظل السودان في حالة هشاشة وتبعية.
التدخل الغربي بعد سقوط البشير
سقوط النظام لم يُنهِ التدخل، بل أعاد صياغته بأدوات جديدة:
- التطبيع مع إسرائيل (2020): فُرض كشرط لإزالة السودان من قائمة الإرهاب، ما جعل القرار السيادي السوداني جزءًا من أجندة إقليمية مرسومة من الخارج.
- إدارة المرحلة الانتقالية: لعبت واشنطن والاتحاد الأوروبي دورًا في رسم ملامح الترتيبات الانتقالية، عبر الضغوط الاقتصادية وربط الدعم بالموافقات السياسية.
- أدوات التمويل الدولي: مؤسسات مثل صندوق النقد والبنك الدولي دخلت لتحدد السياسات الاقتصادية، فارضة برامج تقشف قاسية مقابل وعود بإعفاء الديون.
- استثمار الانقسام العسكري–المدني: الغرب لم يسع لحل جذري، بل استثمر في التناقضات الداخلية ليبقى طرفًا مرجعيًا، ما ساهم في هشاشة الانتقال ثم انفجار الحرب.
الفارق في الأدوات، الثبات في النتيجة
- في عهد البشير: التدخل كان عقابيًا، يقوم على الحصار والعزلة.
- بعد سقوطه: التدخل صار "ناعماً"، يقوم على التمويل المشروط، التطبيع، والتأثير في ترتيبات السلطة.
لكن النتيجة واحدة: إبقاء السودان في دائرة التبعية، ومنعه من بناء مشروع وطني مستقل يملك قراره السيادي.
الخلاصة
التدخل الغربي في السودان لم يكن عابرًا، بل ممنهجًا، هدفه ضبط توازنات داخلية بما يخدم مصالحه الإقليمية (البحر الأحمر، موارد الذهب، منع النفوذ الصيني والروسي). ما تغير بعد البشير لم يكن جوهر التدخل، بل أدواته: من العصا المباشرة إلى الوصاية الناعمة. السودان إذن لم يتحرر بسقوط البشير، بل انتقل من حصار قاسٍ إلى تبعية مشروطة.
التصنيفات ⟵
الوعي السياسي