
السودان في الجغرافيا الاستراتيجية
يقع السودان على خط التماس بين شمال إفريقيا وعمق القارة، وعلى سواحل البحر الأحمر التي تشكّل شريانًا حيويًا للتجارة العالمية. هذا الموقع جعله:
- ممرًا للمصالح الغربية الساعية لضمان أمن البحر الأحمر ومنع تمدد النفوذ الصيني والروسي.
- ساحة تنافس إقليمي بين مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، ما جعله نقطة ضغط على استقرار القرن الإفريقي.
- منطقة عازلة تُستخدم كجدار أمام موجات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا.
الوصاية الغربية: بين الأمن والاقتصاد
الغرب لم يتعامل مع السودان كدولة ذات سيادة، بل كملف أمني–اقتصادي:
- الأمن والهجرة: رُبط الدعم الأوروبي للخرطوم بقدرتها على ضبط الهجرة نحو المتوسط.
- التطبيع مع إسرائيل: جُعل شرطًا لإعادة السودان للنظام المالي الدولي.
- التدخل الاقتصادي: عبر صندوق النقد والبنك الدولي، حيث فُرضت برامج اقتصادية مشروطة زادت من معاناة الشعب.
البحر الأحمر: ساحة تنافس دولي
السودان يمتلك أحد أطول السواحل على البحر الأحمر، ما جعله محل صراع بين:
- واشنطن التي تسعى لإبقاء موانئ السودان تحت نفوذها، منعًا لتمدد بكين وموسكو.
- الصين التي استثمرت في البنية التحتية وتبحث عن منفذ استراتيجي لمبادرة "الحزام والطريق".
- روسيا التي حاولت إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، ما أثار رفض الغرب.
- الخليج الذي يرى في السودان مجالًا لتأمين غذائه عبر الاستثمار الزراعي والسيطرة على الموانئ.
إفريقيا: السودان بوابة التوازنات
باعتبار السودان دولة حدودية مع سبع دول، فقد استُخدم كأداة لإدارة التوازنات الإفريقية:
- ورقة ضغط على إثيوبيا في ملف سد النهضة.
- منطقة تأثير على تشاد وأفريقيا الوسطى الغنية بالذهب واليورانيوم.
- ساحة لمنع تمدد النفوذ التركي والإيراني في القرن الإفريقي.
الخلاصة: منصة للوصاية لا دولة مستقلة
تحولت السودان إلى ساحة نفوذ خارجي أكثر من كونه دولة ذات قرار مستقل. القوى الغربية والإقليمية لم تتعامل معه إلا باعتباره "منصة جيوسياسية" لضبط الأمن في البحر الأحمر وإفريقيا، وليس ككيان سياسي يجب دعمه للنهضة. هذه الوصاية المستمرة تفسر لماذا لم يخرج السودان من دوامة الأزمات رغم تغيّر أنظمته: لأن القرار الفعلي لم يكن يومًا ملكًا كاملًا للسودانيين.
التصنيفات ⟵
الوعي السياسي