
قبل كل جولة دماء جديدة في غزة، تُعيد واشنطن فتح ملف المفاوضات مع حماس. تتكرر المشاهد: مبادرات أمريكية-قطرية-مصرية، قبول أولي من حماس، ثم رفض إسرائيلي قاطع. ومع ذلك، تواصل الإدارة الأمريكية الدور ذاته وكأنها تجهل النتيجة. فما الهدف إذن؟
إدارة الأزمة لا حلّها
الولايات المتحدة لا تبحث عن تسوية جذرية، بل عن إدارة التوقيت والضغط. كل جولة مفاوضات جديدة تأتي في لحظة تصاعد الغضب الدولي أو اتساع المأساة الإنسانية، فيُرفع شعار "واشنطن تعمل من أجل وقف النار". الهدف ليس إيقاف الحرب، بل إظهار واشنطن في صورة "الوسيط الحريص"، بينما الواقع أن الحرب تستمر بلا قيود.
تكتيك شراء الوقت
إعادة فتح المفاوضات تكتيك سياسي يُستخدم لتأجيل الانفجار:
- امتصاص غضب الرأي العام العالمي من المجازر.
- تهدئة الجامعات والشارع الأمريكي الغاضب.
- منح إسرائيل وقتًا إضافيًا لإنهاك غزة، تحت ستار المباحثات الجارية.
إنها مفاوضات بلا مضمون، بل غطاء لإطالة عمر الحرب.
المعضلة الإسرائيلية – الأمريكية
واشنطن تدرك أن إسرائيل لن تقبل بأي صيغة تُظهر حماس طرفًا سياسيًا معترفًا به. لكن في الوقت نفسه، استمرار التعنّت الإسرائيلي يحرج أمريكا أمام العالم.
- إسرائيل تريد "صورة نصر" متمثلة في سحق حماس أو إخضاعها.
- أمريكا تريد تجنّب العزلة الدولية التي تتصاعد مع كل مجزرة.
النتيجة: مفاوضات متكررة تُدار بوعي كامل بأنها ستُجهض في اللحظة الأخيرة.
تفكيك السردية الإعلامية
الإعلام الغربي يلتقط هذه الجولات ويُصدّرها بعنوان: "الطرفان يرفضون التنازلات". لكن الحقيقة أن الطرف الذي ينسف الاتفاق في كل مرة معروف سلفًا. هنا تظهر وظيفة واشنطن: إعادة توزيع المسؤولية حتى لا يتركّز اللوم على إسرائيل وحدها.
الخاتمة: مسرحية مكشوفة
المفاوضات الأمريكية مع حماس ليست مسارًا للحل، بل مسرحية لإدارة صورة الحرب. واشنطن تُدرك أن تل أبيب لن تقبل بالاتفاقات، ومع ذلك تكرر العروض لتبقى هي في موقع "الوسيط"، لا "الشريك في الجريمة". في النهاية، ما يُدار ليس سلامًا ولا مفاوضات، بل لعبة سياسية عنوانها: إطالة عمر الحرب مع تأجيل لحظة المحاسبة الدولية.