
توقيت الضربة ومعناها
اللافت أن الضربة وقعت في وقت لم يكن على متن السفينة أحد، وكأن الجهة المنفذة—إن كانت إسرائيل—تعمدت إرسال رسالة تحذيرية دون التورط في قتل نشطاء دوليين. هذا ينسجم مع أسلوب الضربات الإسرائيلية "الجراحية"، التي لا تهدف فقط إلى تعطيل المبادرات المناوئة للحصار على غزة، بل أيضًا إلى تذكير العالم بقدرتها على الوصول إلى أي مكان.
الصمت التونسي وتفسيراته
الصمت الرسمي التونسي لا يقل دلالة عن الضربة ذاتها. فإما أن تونس تخشى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، أو أنها تعرضت لضغوط مباشرة دفعتها إلى إنكار الحدث لتفادي تبعاته. وفي كلا الحالين، يصبح النفي بحد ذاته جزءًا من الرواية، إذ يحوّل الاستهداف إلى "لا حدث"، يمر دون أن يخلّف أزمة دبلوماسية، رغم كونه خرقًا واضحًا للسيادة.
الرسالة الاستراتيجية
إذا كانت إسرائيل وراء الضربة، فإن الرسالة واضحة: أي محاولة لكسر الحصار على غزة ستُستهدف أينما كانت، حتى في موانئ دول بعيدة. إنها سياسة الردع بالتحذير، لا بالإبادة؛ توجيه ضربة رمزية كافية لإحباط المبادرة، دون الانجرار إلى مواجهة دولية مفتوحة.
بهذه القراءة، يتحول الحدث من مجرد "حريق على متن سفينة" إلى رسالة استراتيجية مزدوجة: إسرائيل تُظهر سطوتها بلا حدود، وتونس تكشف هشاشتها بالصمت.
الخاتمة
الضربة في تونس ليست مجرد حادث عرضي، بل فصل جديد في معادلة الردع والوصاية. إسرائيل تثبت أنها تتحرك خارج حدودها بلا قيود، فيما تونس تُظهر أن العجز أو التواطؤ قد يلبسان ثوب "النفي". بين رسالة القوة وصمت الضعف، يبقى العالم شاهدًا على حصار يُدار بالنار… وبالصمت.