
البيان بين الشكل والمضمون
على الورق، يبدو البيان خطوة جريئة وغير مسبوقة، إذ لم تتطرق أي قمة سابقة بنفس الحدة إلى الهجوم الإسرائيلي على دولة عضو عربية أو إلى مراجعة العلاقات مع إسرائيل بشكل مباشر. ومع ذلك، يكمن الجوهر الحقيقي للبيان في ضعف آلياته التنفيذية. فهو لم يلزم أي دولة باتخاذ هذه الإجراءات، ولم يحدد جدولًا زمنيًا أو آلية متابعة للتأكد من تنفيذ القرارات. باختصار، البيان يُعد رمزيًا أكثر منه عمليًا، ويعتمد على الإرادة السياسية للدول نفسها، ما يقلل من فعاليته على الأرض.
بيانات متكررة وغير ملزمة
هذا النمط من القمم ليس جديدًا. مقارنة مع قمة بيروت 2002، وقمة مكة 2005، وقمة الدوحة 2012، نجد أن معظم البيانات الكبرى غالبًا ما تتخذ صيغة إدانة أو دعوة عامة، لكنها تفتقر إلى أدوات ضغط فعلية أو عقوبات ملزمة. الجدول التالي يوضح هذا النمط:
- قمة بيروت 2002: ركزت على مبادرة السلام العربية، ودعت للتطبيع مقابل السلام، وكانت القرارات غير ملزمة، فكانت جدواها العملية محدودة.
- قمة مكة 2005: عقدت لدعم لبنان بعد حرب 2006، وأصدرت دعوات للتهدئة والمصالحة، وكانت القرارات غير ملزمة، ولم تؤثر عمليًا على الأحداث.
- قمة الدوحة 2012: دعمت المعارضة السورية ودعت لتقديم الدعم السياسي والإنساني، لكنها كانت غير ملزمة، وجدتواها العملية محدودة.
- قمة شرم الشيخ 2015: ركزت على دعم التحالف العربي ضد الحوثيين، ودعت للتنسيق العسكري والسياسي، وكانت القرارات غير ملزمة، مع أثر عملي محدود.
- قمة الدوحة 2025: جاءت بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر، ودعت الدول لمراجعة علاقاتها مع إسرائيل، لكنها غير ملزمة، والجدوى العملية ما زالت محدودة، حيث يعتمد التنفيذ على إرادة الدول الأعضاء فقط.
التضامن الإعلامي مقابل الفعل السياسي
الجدوى الفعلية لبيان الدوحة تكمن في التضامن الإعلامي أكثر من كونه أداة ضغط سياسية:
- يعكس تضامن الدول العربية والإسلامية مع قطر وفلسطين.
- يضع بعض الضغط الأخلاقي على الدول المطبعة لإعادة تقييم علاقاتها مع إسرائيل.
خلاصة تحليلية
بيان قمة الدوحة 2025 يؤكد أن القمم العربية والإسلامية، رغم لغة البيانات القوية، تواجه أزمة هيكلية مزمنة: غياب سلطة تنفيذية مركزية يجعل أي قرار يعتمد على إرادة الدول الأعضاء، ويحول البيانات إلى عرض إعلامي رمزي أكثر من كونها خطة ضغط عملية. لتحقيق أثر حقيقي، يجب أن ترافق مثل هذه البيانات آليات تنفيذية ملزمة، وجداول زمنية، وعقوبات واضحة، وهو ما لا يتوافر عادة في هذه القمم.
في نهاية المطاف، يبقى بيان الدوحة خطوة رمزية للتضامن، لكنها غير كافية لتغيير ميزان القوى أو لوقف الهجمات الإسرائيلية، ويطرح تساؤلات حقيقية حول جدوى القمم العربية والإسلامية في حماية مصالح أعضائها أو المجتمع العربي والإسلامي بشكل عام.