
1. الهيمنة عبر الهشاشة لا عبر الحماية
الولايات المتحدة لا تسعى إلى حلفاء أقوياء ومستقلين، بل إلى كيانات تعتمد بالكامل عليها. السماح لإسرائيل بقصف الدوحة يُرسل رسالة صريحة: حتى عاصمة خليجية غنية و”حليفة” ليست بمنأى عن الضرب إذا خرجت عن الخط المرسوم لها. الهدف الاستراتيجي واضح: إبقاء حلفاء واشنطن في حالة هشاشة دائمة، يذكرهم أن أمنهم مشروط ومقيد بالوصاية الأمريكية.
2. كسر فكرة “الملاذ الآمن”
قطر صارت مركز تفاوض ووساطة بغطاء أمريكي، لكن توسع نفوذها جعلها تبدو وكأنها تمسك أوراقًا أكبر من حجمها. الضربة الإسرائيلية أعادت التذكير بأن لا عاصمة عربية محصنة إذا تجاوزت الدور المرسوم لها، وأن الملاذ الآمن الوحيد هو الغطاء الأمريكي، وليس السيادة الوطنية.
3. إدارة التوازن بين الحلفاء
واشنطن تدير علاقة ثلاثية دقيقة بين الخليج، إسرائيل، والمقاومة. في هذا الإطار، السماح لإسرائيل بتجاوز الخطوط يضعف دور حليف معين (قطر)، بينما تخرج أمريكا لاحقًا بتصريحات دبلوماسية “لإعادة التوازن”. هذه سياسة ثابتة: إبقاء جميع الأطراف في حالة اعتماد على القرار الأمريكي، مع تعزيز سيطرة واشنطن على مسارات التفاوض والسياسات الإقليمية.
4. تثبيت معادلة “السيادة المنقوصة”
القصف لم يكن مجرد استهداف لمجموعات مسلحة، بل ضرب مفهوم السيادة الخليجية ذاته. الرسالة: لا توجد دولة عربية مستقلة عن الإطار الأمريكي، وأي محاولة لتوسيع النفوذ السياسي أو العسكري خارج هذا الإطار ستقابل بالقوة. استراتيجية واشنطن هنا واضحة: السيادة مشروطة بالرضا الأمريكي، وأي قوة تفاوضية مستقلة تُكسر بالقوة أو بالضغط الاستراتيجي.
الخلاصة
الضربة الإسرائيلية على الدوحة لم تكن حادثة عابرة، ولا تجاوزًا منفردًا من قبل تل أبيب. السماح الأمريكي جاء ضمن استراتيجية أوسع لإدارة الهيمنة على المنطقة:
- إبقاء حلفاء واشنطن تحت وصايتها.
- تكريس هشاشة السيادة الخليجية.
- إعادة رسم قواعد التفاوض الإقليمي وفق المصالح الأمريكية.
بعبارة واحدة: ما لم تمنعه واشنطن فهو مسموح ضمنيًا، وما سمحته هو جزء من خطة السيطرة الشاملة على المنطقة.