
5G: البنية التحتية لعصر جديد
الجيل الخامس ليس تطويرًا عاديًا لشبكات الاتصالات، بل هو الشرط الأساسي لتشغيل المدن الذكية، الروبوتات، السيارات ذاتية القيادة، والطائرات المسيّرة. إنه "العصب الرقمي" للثورة الصناعية الرابعة، ومن يتحكم به يمتلك القدرة على إدارة اقتصادات ومجتمعات بأكملها.
واشنطن في مواجهة صعود هواوي
التفوق الصيني، ممثلًا بشركة هواوي، شكّل تهديدًا مباشرًا للهيمنة الأمريكية. لم يكن الأمر مسألة أسعار أقل أو تقنية أكثر كفاءة فحسب، بل تحديًا لموقع أمريكا كصاحبة المعيار العالمي في الاتصالات. لهذا شنت واشنطن حربًا دبلوماسية وضغوطًا على حلفائها لمنع دخول البنية التحتية الصينية إلى شبكاتهم.
الأمن القومي كذريعة أم حقيقة؟
الولايات المتحدة بررت معركتها بالخوف من "أبواب خلفية" قد تسمح لبكين بالتجسس أو تعطيل البنية التحتية للدول. لكن خلف هذه الذريعة يختفي القلق الأعمق: فقدان السيطرة على تدفق البيانات العالمية. فالهيمنة الرقمية اليوم تعادل الهيمنة على الطرق البحرية بالأمس؛ من يسيطر عليها يفرض شروط اللعبة.
الصراع الجيوسياسي على المستقبل
المعركة حول 5G تجسد انتقال التنافس بين القوى العظمى من ميادين الجيوش إلى فضاءات الشبكات. فبينما ترى واشنطن في الهيمنة الرقمية شرطًا لاستمرار نفوذها، تسعى بكين إلى كسر احتكار الغرب وصياغة قواعد نظام عالمي جديد. إنها ليست حرب تقنية، بل معركة على خريطة القوة العالمية المقبلة.
خاتمة: حرب على النظام الدولي
ما يجري حول شبكات الجيل الخامس يتجاوز منافسة اقتصادية أو تقنية؛ إنه اختبار لميزان القوى في النظام الدولي. فـ"حرب 5G" ليست عن سرعة تنزيل الملفات، بل عن من يضع القواعد ويملك مفاتيح السيطرة في عالم تحكمه البيانات. واشنطن تقاتل للحفاظ على هيمنتها، فيما تتقدم بكين لانتزاع موقعها كقوة عظمى رقمية. إنها مواجهة تحدد ليس فقط مستقبل الاتصالات، بل شكل النظام العالمي لعقود قادمة.