أحمد ديدات: فارس الكلمة في زمن الارتباك العقائدي

في زمن ساد فيه الهجوم على الإسلام، واحتكر فيه الغرب منابر الخطاب، ظهر أحمد ديدات ليقلب الطاولة، ويحوّل الهجوم إلى مناظرة، والدفاع إلى هجوم فكري متماسك. لم يكن عالمًا تقليديًا، بل مناظرًا فذًّا واجه رجال الكنيسة بمنطق الكتاب المقدس نفسه، وسلّح المسلمين بثقة الكلمة والحجة. أعاد للمسلمين وعيهم بقوة خطابهم، وعلّمهم كيف يقرؤون الآخر بعين فاحصة لا بعيون منهزمة. لم يخشَ الساحات الغربية، بل اقتحمها بثبات العارف وإيمان الموقن. وبين مناظراته الشهيرة وكتبه الجريئة، ترك ديدات أثرًا لا يُمحى في معركة الكلمة، حين تكون ناطقة بالحق ومسلّحة بالعقل.


في زمنٍ كانت فيه الشعوب المسلمة تواجه طوفان الشبهات، وسيوف التنصير تُشهر في وجه العقيدة بلا رادع، خرج رجلٌ أعزل إلا من المنطق، والقرآن، وثقة لا تلين.

لم يحمل بندقية، بل حمل الميكروفون.
لم يعتلِ منبرًا، بل واجه الخصم في عقر داره.
إنه أحمد ديدات، الرجل الذي وقف شامخًا بلهجته الجنوب إفريقية البسيطة، ليقارع أكبر قساوسة الغرب، ويجعلهم يتلعثمون أمام وعي رجل لم يتخرج من أروقة الجامعات، بل من مدرسة الإيمان والبحث والجرأة.

ديدات لم يكن مجرد داعية، بل محاربًا بالكلمة.
قرأ كتبهم بلغتهم، ففهم كيف يفكرون.
وكان يعرف أن معركة العقيدة في هذا العصر لا تُحسم بالخطب الداخلية، بل بالذهاب إلى ساحة الخصم، وكشف تناقضه من داخله.

وقف أمام جيوش الإعلام، والمنصات الكبرى، والمناظرات العالمية، ليردّ عن الإسلام شبهات القرون، وليردّ بعقلٍ ناقد، ولسانٍ حاد، وقرآنٍ حاضر.

قال له أحد القساوسة: "أنتم تخافون من الصليب."
فأجابه بهدوء يزلزل القاعات:
"نحن لا نخاف، بل نشفق. لأنكم عبدتم الرمز، وتركتم الرسالة."

لم يكن ديدات مثاليًا، ولا نبيًا، بل كان ابن عصره.
لكن ما فعله هو أنه أعاد للمسلم الشعور بأنه قادرٌ على المواجهة، لا في القتال فقط، بل في الحُجّة.

لقد خسرنا كثيرًا حين سلّمنا منابر الإعلام والمناظرة للآخرين، لكن ديدات أعاد فتح هذا الباب، وعلّم جيلًا كاملًا أن الكلمة لا تقل شأنًا عن الرصاصة… إذا كانت مشحونة بالحق، وموجهة بالوعي.

وحين أصابه الشلل في آخر عمره، وظلّ طريح الفراش لسنوات، لم تنطفئ الرسالة. لأن من أيقظ العقول، لا يُطفأ جسده.



وصف الصورة المقترحة:
رجل مسن ببشرة سمراء وذقن بيضاء، واقف على منصة، خلفه شاشة كبيرة يظهر فيها صليب يتكسر بصمت. في يده كتاب مفتوح (القرآن)، وفي عينيه نظرة واثقة تتحدى جمهورًا غربيًا مصدومًا.

أحدث أقدم
🏠