المسلمات الكاذبة - التفوق الثقافي: المنهجية العلمية الغربية: احتكار المعرفة وإقصاء الرؤى الأخرى

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة
المجموعة الثالثة: التفوق الثقافي والمعرفي، والهيمنة الناعمة (السيطرة الرمزية والعلمية والثقافية)
المقال (2): المنهجية العلمية الغربية: احتكار المعرفة وإقصاء الرؤى الأخرى

المقدمة
غالبًا ما تُصوَّر المنهجية العلمية الغربية على أنها النموذج الأرقى للمعرفة الإنسانية، ويُقدَّم كل ما سواها كخرافات أو "علم زائف". لكن هذا التقديس غير المشروط للمنهج ليس بريئًا، بل يحمل في طياته بُعدًا سلطويًا ناعمًا، يُقصي كل ما لا يندرج ضمن "المنهج الغربي"، حتى لو كان ذا قيمة معرفية أو تأملية.

المسلمة المزعومة: ما الفكرة التي جرى تعميمها وتثبيتها؟
الفكرة التي رُسّخت هي أن المنهجية العلمية الغربية هي الطريقة الوحيدة لمعرفة الحقيقة، وأن أي منهج آخر — سواء ديني، فلسفي، أو تأملي — هو بالضرورة أقل مصداقية، وبالتالي لا يستحق أن يُؤخذ على محمل الجد في النقاش الأكاديمي أو الإعلامي.

الهدف منها: من المستفيد من هذه الصورة المختزلة؟
المستفيد هو النظام المعرفي الغربي، الذي يفرض نفسه مرجعًا وحيدًا للبحث والتمويل الأكاديمي والنشر العلمي. كما تستفيد منه المؤسسات السياسية والاقتصادية التي تستند إلى "حقائق علمية" لتبرير هيمنتها، وتقويض أي خطاب آخر لا يسير في رَكْب الحداثة الغربية.

الأساليب المستخدمة: كيف تم تثبيت الفكرة في الوعي العام؟
تُستخدم أدوات الإعلام والسينما والمجلات العلمية المبسّطة، جنبًا إلى جنب مع أنظمة التصنيف الأكاديمي والجوائز الدولية، لترويج هذه الهيمنة المنهجية. يتم تصوير العلماء الغربيين كأبطال شبه مقدّسين، بينما يتم تهميش العلماء من ثقافات أخرى، أو يتم تجريدهم من سياقاتهم الحضارية.

النتائج: ما الذي أدى إليه هذا التضليل على أرض الواقع؟
أُقصيت طرق تفكير ومعرفة عريقة، مثل الحكمة الشرقية، والمنطق المقاصدي، والتجارب التأملية، من دائرة الاعتراف الأكاديمي. كما أُفرغت المعرفة من بعدها الإنساني، وأصبحت خاضعة لمقاييس الإنتاج، والربح، والنشر، مما جعل البحث العلمي خادمًا للسلطة لا محررًا للإنسان.

الخاتمة: دعوة لتحرير العقل من القوالب الجاهزة وإعادة النظر
ليس المطلوب نفي قيمة المنهج العلمي، بل كشف هيمنته حين تُقدَّم كحقيقة مطلقة لا تُناقش. فالعقل الحر هو الذي يُعيد الاعتبار لتعدد طرائق المعرفة، ويُقاوم احتكار "العلم" كما يُقاوم احتكار "الحق". التحرر يبدأ من الاعتراف بأن ليس كل ما لا يُقاس لا يُعرف.

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.