تاريخ الخلافة والحكم الإسلامي: مراحل الحكم الاسلامي في الاندلس - خلافة بني أمية من الفتح الإسلامي والامارة الإسلامية ثم الخلافة وفترة ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين ومملكة غرناطة إلى نهاية الحكم الاسلامي.


لم تكن الأندلس مجرّد امتداد جغرافي للفتوحات الإسلامية، بل كانت تجربة حضارية فريدة مزجت بين الشرق والغرب، وشكّلت حلقة فاصلة في تاريخ أوروبا والعالم الإسلامي على السواء. فمنذ أن عبر طارق بن زياد البحر نحو شبه الجزيرة الإيبيرية عام 92هـ (711م)، بدأ فصل جديد في تاريخ الإسلام، لم يكن يشبه ما قبله.

كان فتح الأندلس تتويجًا لمرحلة صعود الدولة الأموية، وامتدادًا للرؤية الإسلامية في نشر العدل والعلم وتوسيع دائرة الحضارة. لكن الأندلس لم تكن أرضًا يسيرة؛ كانت موطنًا لحضارات رومانية وقوطية، تتصارع داخليًا وتتهاوى من الداخل. فجاء الفتح الإسلامي ليملأ فراغًا سياسيًا، وليفتح المجال لتعايش ثقافي استثنائي قلّ نظيره في التاريخ.

خلال ما يقارب ثمانية قرون من الحكم الإسلامي، تحولت الأندلس من مجرد ولاية تابعة إلى مركز علمي وثقافي مزدهر، نافس بغداد ودمشق في مجالات الفكر والفلسفة والطب والعمارة. إلا أن الصراعات الداخلية، والانقسامات السياسية، ومكر القوى الأوروبية المتحفزة، مهدت الطريق لانهيار هذا المجد تدريجيًا، حتى سقطت غرناطة عام 897هـ (1492م) في يد الملوك الكاثوليك، معلنة نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس.

لكن إرث الأندلس ظلّ حيًا، لا في الكتب والمخطوطات فقط، بل في الوجدان الإنساني، كدليل على أن التعددية قد تكون منبعًا للنهضة، وأن الحضارة الإسلامية حين تتنفس بحرية، تصنع ما يشبه المعجزات.


📜 المرحلة الاولى

الخلفاء الأمويون في الأندلس (756–1031م) 


امتدّ حكم بني أمية في الأندلس ما يقرب من ثلاثة قرون، منذ تأسيس الإمارة المستقلة عن العباسيين على يد عبد الرحمن الداخل، وصولًا إلى سقوط الخلافة الأموية بالأندلس ودخول الأندلس في عهد ملوك الطوائف. 

اولا: أمراء بني أمية في الأندلس (756–929م)

في هذه المرحلة، كان حكام الأندلس يحملون لقب “أمير”، ولم يُعلن الخلافة رسميًا إلا في عهد عبد الرحمن الناصر.

1. عبد الرحمن بن معاوية “الداخل”
تولّى الحكم: 138–172هـ / 756–788م (32 سنة)
مآثره: مؤسس الدولة الأموية في الأندلس، هرب من مذبحة العباسيين، واستطاع توحيد الأندلس تحت حكمه. أرسى نظامًا إداريًا قويًا واستقل سياسيًا عن الخلافة العباسية.
المآخذ عليه: لم يعلن الخلافة رسميًا، مما أبقى شرعيته محلّ جدل.

2. هشام بن عبد الرحمن “الراضي”
تولّى الحكم: 172–180هـ / 788–796م (8 سنوات)
مآثره: خليفة مستقرّ سعى لترسيخ سلطة الدولة وتثبيت الوراثة، حكمه هادئ نسبيًا ولم يشهد اضطرابات كبيرة.
المآخذ عليه: ضعف في مواجهة التمردات المحلية، لم يقدّم إنجازات توسعية.

3. الحكم بن هشام “الربضي”
تولّى الحكم: 180–206هـ / 796–822م (26 سنة)
مآثره: واجه تمردًا كبيرًا في قرطبة (فتنة الربض)، وكان عنيفًا في قمع المعارضين. رغم ذلك، تابع تطوير الدولة إداريًا وعسكريًا.
المآخذ عليه: القسوة الشديدة في قمع المعارضين، وخاصة فتنة الربض.

4. عبد الرحمن بن الحكم “الأوسط”
تولّى الحكم: 206–238هـ / 822–852م (30 سنة)
مآثره: حكم طويل تميز بالقوة والدهاء، واجه الثورات الداخلية وأعاد هيبة الدولة. نشّط العمران والثقافة، وأحسن تنظيم الإدارة.
المآخذ عليه: تسامحه مع نفوذ بعض الزعامات المحلية أضعف سيطرة المركز لاحقًا.

5. محمد بن عبد الرحمن
تولّى الحكم: 238–273هـ / 852–886م (34 سنة)
مآثره: فترة مليئة بالتمردات والثورات، خاصة من المولّدين والبربر، ما أضعف الدولة وأرهق مواردها.
المآخذ عليه: فشل في القضاء على الثورات، انحدار هيبة الدولة.

6. المنذر بن محمد
تولّى الحكم: 273–275هـ / 886–888م (سنتان)
مآثره: لم يكن له تأثير طويل بسبب قصر مدة حكمه، وانشغل بالصراعات الداخلية.
المآخذ عليه: لم ينجح في استعادة الاستقرار.

7. عبد الله بن محمد
تولّى الحكم: 275–300هـ / 888–912م (24 سنة)
مآثره: شهدت دولته تمزقًا داخليًا، وتمردات متكررة في طليطلة وغيرها، لكنه مهّد الطريق لحفيده عبد الرحمن الناصر.
المآخذ عليه: التراخي وضعف الحسم، وتفاقم النزاعات الداخلية.


ثانيًا: خلفاء بني أمية في الأندلس - قرطبة (929–1031م)
في هذه المرحلة، أعلن عبد الرحمن الناصر نفسه خليفة، وتحولت الأندلس من إمارة إلى خلافة مستقلة.

8- عبد الرحمن الناصر لدين الله (300–350هـ / 912–961م)
أول من أعلن الخلافة بالأندلس.
بلغت الأندلس في عهده قمة مجدها الحضاري والعسكري والسياسي.
مآثره: إعلان الخلافة، بناء الزهراء، تقوية البحرية، ازدهار علمي واقتصادي هائل.
المآخذ عليه: الميل إلى الترف، والاعتماد المفرط على الموالي.

9- الحكم المستنصر بالله (350–366هـ / 961–976م)
خليفة مثقف ومحب للعلم.
تابع سياسة والده واهتم بالثقافة دون نزعة توسعية.
مآثره: إنشاء مكتبة عظيمة، دعم العلماء، ترسيخ المؤسسات.
المآخذ عليه: الانشغال بالترف الثقافي، وغياب إعداد وريث سياسي قوي.

10- هشام المؤيد بالله (366–399هـ / 976–1009م)
خليفة اسمي، حكم فعليًا الحاجب المنصور.
بدأ حكمه طفلًا فسيطر عليه الحُجّاب، ثم استُخدم اسمه لاحقًا من دون نفوذ حقيقي.
مآثره: اقترن عهده بزمن المنصور العظيم.
المآخذ عليه: ضعف شديد، وعزلة تامة داخل القصر. 

11- محمد المهدي بالله (399–400هـ / 1009م)
خليفة طارئ خلال الفتنة.
أحد كبار الأمويين، استغل الفوضى وأعلن نفسه خليفة.
مآثره: محاولة لإحياء سلطة البيت الأموي.
المآخذ عليه: قسوة شديدة، وانتهى مقتولًا.

12- سليمان المستعين بالله (400–403هـ ثم 407–414هـ / 1009–1023م)
خليفة متقلّب. تحالف مع البربر، خُلع وعاد عدة مرات.
مآثره: محاولات لاستعادة الحكم الأموي بالقوة.
المآخذ عليه: استناده إلى القوى الخارجية، مما أدخل البلاد في الفوضى.

13- علي بن حمود (408–410هـ / 1017–1019م)
خليفة من بني حمود، لا ينتمي لبني أمية.
استغل الفتنة وسيطر على قرطبة.
مآثره: لا تذكر له إنجازات بارزة.
المآخذ عليه: ضعف الشرعية، وحكمه كان مؤقتًا.

14- عبد الرحمن المرتضى بالله (409–411هـ / 1018–1020م)
محاولة لإحياء الشرعية الأموية.
أعلن نفسه خليفة بعد بني حمود.
مآثره: نداء للوحدة.
المآخذ عليه: ضعف القيادة وانعدام الدعم.

15- عبد الملك المظفر بالله (411–414هـ / 1020–1023م)
خليفة أموي في خضم الانقسامات.
حاول إعادة الهيبة إلى منصب الخلافة.
مآثره: ترميم مؤسسات الدولة.
المآخذ عليه: فشل في توحيد القوى المتصارعة.

16- هشام المؤيد بالله (عودة ثانية) (414–418هـ / 1023–1027م)
محاولة متأخرة للاستقرار.
عاد بدعم بعض القوى، لكن نفوذه كان منعدمًا فعليًا.
مآثره: محاولات أخيرة لتهدئة الأوضاع.
المآخذ عليه: ضعف تام، دون أي تأثير حقيقي.

17- عبد الرحمن المستظهر بالله (414هـ / 1023م)
خليفة صوري في مرحلة الفوضى.
فترة حكمه لم تتجاوز أشهرًا.
مآثره: لا يُذكر له أثر يُعتد به.
المآخذ عليه: اسم عابر في لائحة الانهيار.

18- هشام المعتد بالله (418–422هـ / 1027–1031م)
آخر خلفاء بني أمية بالأندلس.
انتهت الخلافة رسميًا بسقوطه، ودخلت البلاد عهد الطوائف.
مآثره: حاول التماسك رغم كل التحديات.
المآخذ عليه: لم يتمكن من ترميم الانهيار العام. 

----

عهد الاضطراب وسقوط الخلافة (1009–1031م) 
عُرفت هذه المرحلة بالفتنة الأندلسية، حيث تنازع عدد من الخلفاء والأمراء على الحكم، مثل: 
محمد المهدي بالله 
سليمان المستعين بالله 
علي بن حمود (من الأسرة الحمودية) 
عبد الرحمن المستظهر 
هشام المعتد بالله (آخر خليفة) 
سلسلة من الاضطرابات والانقلابات أنهت الخلافة الأموية في الأندلس عام 1031م، ودخلت البلاد في عهد ملوك الطوائف. 



خلاصة تحليلية 
امتازت الدولة الأموية في الأندلس في بدايتها بالقوة والتماسك، خاصة مع الداخل والناصر. 
تحوّلت إلى خلافة أموية مستقلة عن العباسيين، ونافستهم حضاريًا وعسكريًا. 
بعد وفاة الحكم المستنصر، بدأ الانحدار التدريجي بسبب الانقسامات الداخلية. 
الحكم العامري أضعف مؤسسة الخلافة، والفتنة أنهتها تمامًا. 

الخلاصة التحليلية لسقوط الخلافة الأموية في الأندلس
سقوط قرطبة: حين تتآكل الدولة من الداخل
لم تسقط خلافة قرطبة بقوة خارجية مباشرة، بل بتآكل داخلي مزمن، وانقسام البيت الأموي، وضعف المؤسسات. فعلى الرغم من بلوغها ذروة المجد في عهد الناصر والمستنصر، إلا أنها انهارت تدريجيًا، وسقطت كليًا سنة 422هـ.

الأسباب الجوهرية للسقوط:
وراثة بلا إعداد: تولية طفل (هشام المؤيد) فتحت الباب أمام تغوّل الحُجّاب وتحوّل الخلافة إلى واجهة رمزية.
استبداد الحُجّاب والمماليك: مثلما حدث في العباسية، اختزلت السلطة في يد الوزراء والعسكريين.
غياب القادة بعد المؤسسين: لم يُرزق البيت الأموي بقيادات حاسمة بعد الناصر والمستنصر.
انقسام داخلي وتحالف مع الغرباء: استُعين بالبربر والخصوم على أبناء العمومة أنفسهم.
تفكك الأطراف وملوك الطوائف: انفصال الأقاليم أدى لتحوّل الأندلس إلى دويلات متناحرة، مهّد الطريق لسقوطها.

ملامح النهاية:
تحول الخلفاء في العقود الأخيرة إلى دمى بيد القوى المتصارعة، وفقدت الخلافة أي معنى سياسي أو ديني.

العبرة الكبرى:
“لم تسقط خلافة قرطبة بقوة أعدائها، بل بضعفها الداخلي: حين تتآكل الشرعية، وتُختزل الأمة في طقوس، وتصبح السلطة مطيّة للهوى… تتهاوى أعتى القلاع مهما بلغت حضارتها.”



📜 المرحلة الثانية: 

ملوك الطوائف في الأندلس (1031–1090م) 

مع سقوط الخلافة الأموية في قرطبة عام 1031م، دخلت الأندلس مرحلة تمزّق سياسي خطير، عُرفت بـ”عصر ملوك الطوائف”، حيث انقسمت البلاد إلى دويلات صغيرة مستقلّة يحكمها أمراء محليون، غلبت عليهم العصبيات القبلية والطمع في التوسع. 
ورغم بعض الازدهار الثقافي، فإن هذه المرحلة كانت مقدّمة مباشرة لتدخل القوى المسيحية شمالًا، ثم اجتياح المرابطين لاحقًا. 

نستعرض هنا أبرز ملوك الطوائف، وفق تنسيق موحد:
  
1- المعتمد بن عباد (إشبيلية) 
تولّي الحكم: 1069–1091م (22 سنة) 
أشهر ملوك الطوائف وأحد رموز الشعر والسياسة في الأندلس، كان قويًا ومهابًا، لكنه وقع في تناقضات بين المجد والترف، انتهت بسقوط إمارته على يد المرابطين. 
من مآثره: حماية الثغور، دعم الشعراء، الصمود في وجه ألفونسو في الزلاقة 
من المآخذ عليه: الغرور السياسي، الاعتماد المفرط على الشاعر ابن عمار، التوسّع على حساب جيرانه المسلمين 

2- المظفّر بن الأفطس (بطليوس) 
تولّي الحكم: 1045–1068م (23 سنة) 
كان شاعرًا وأديبًا، حافظ على استقرار دولته إلى حدٍّ ما، لكن لم يكن له طموح سياسي كبير، وركّز على الازدهار الداخلي. 
من مآثره: الاهتمام بالعلوم والشعر، حكم متسامح نسبيًا 
من المآخذ عليه: ضعف عسكري، لم يشكّل قوّة مؤثرة في مواجهة العدوان النصراني 

3- إسماعيل بن ذي النون (طليطلة) 
تولّي الحكم: 1023–1043م (20 سنة) 
مؤسس أسرة بني ذي النون، سيطر على طليطلة واستقل بها، ثم ترك الحكم لابنه. 
من مآثره: تأسيس سلطة قوية في طليطلة، حسن تنظيم الإدارة 
من المآخذ عليه: لم يُكوّن جبهة مع بقية المسلمين، مما سهّل لاحقًا سقوط طليطلة 

4- يحيى بن إسماعيل بن ذي النون “المعتمد” 
تولّي الحكم: 1043–1075م (32 سنة) 
حكم طويل نسبيًا، وسّع نفوذ طليطلة، لكن أسلوبه المستبد نفّر العامة والنخبة، وبدأت المدينة بالانحدار تحت حكمه. 
من مآثره: تحقيق بعض التوسعات، دعم بناء المساجد 
من المآخذ عليه: غطرسة سياسية، وقطع العلاقات مع باقي أمراء المسلمين 

5- محمد بن صمادح (المرية) 
تولّي الحكم: 1041–1052م (11 سنة) 
حكم المرية وأسس دولة مستقرة ثقافيًا، عُرف بحبه للأدب ومجالسة الشعراء، ومنهم ابن حزم. 
من مآثره: تأسيس بلاط أدبي مهم، حكم متسامح 
من المآخذ عليه: انكفاء عن السياسة الإقليمية، وضعف الجبهة الدفاعية 

6- باديس بن حبوس (غرناطة) 
تولّي الحكم: 1038–1073م (35 سنة) 
من ملوك بني زيري البربر، كان حاكمًا قويًا ومدبّرًا، حافظ على وحدة غرناطة وعُرف بالصرامة مع معارضيه. 
من مآثره: استقرار سياسي، مواجهة الفتن الداخلية، التوسّع العسكري 
من المآخذ عليه: غلبة النزعة البربرية على إدارته، مما خلق حساسيات داخلية 

7- عبد الله بن بلقين (غرناطة) 
تولّي الحكم: 1073–1090م (17 سنة) 
حفيد باديس، ورث الحكم صغيرًا، لم يكن في مستوى سلفه، وضعفت الدولة في عهده وسقطت على يد المرابطين. 
من مآثره: حافظ على بعض استقرار داخلي 
من المآخذ عليه: التردد السياسي، ضعف الحزم في التعامل مع القوى المجاورة 

خلاصة تحليلية 
بلغ عدد ممالك الطوائف أكثر من 20 دويلة، أبرزها: إشبيلية، طليطلة، سرقسطة، بطليوس، المرية، غرناطة. 
ورغم ما شهدته المرحلة من ازدهار علمي وثقافي، إلا أنها كانت سياسية كارثية. 
تحوّلت العلاقات بين الأمراء إلى صراعات داخلية، دفعوا فيها الجزية لملك قشتالة ألفونسو السادس. 
أدى ضعفهم إلى نداء الاستغاثة بالمرابطين، الذين أنهوا عهد الطوائف بضمّ الأندلس عام 1090م. 

📜 المرحلة الثالثة: 

المرابطون والموحدون في الأندلس (1090–1238م)

بعد أن أنهك التمزّق ملوك الطوائف، وتزايد الخطر النصراني بقيادة ألفونسو السادس، استنجد المعتمد بن عباد بدولة المرابطين في المغرب. دخل يوسف بن تاشفين الأندلس فأنهى حكم الطوائف، وبدأت مرحلة جديدة: 
مرحلة توحيد الأندلس تحت حكم دولتي المرابطين ثم الموحدين، القادمتين من المغرب. 

أولًا: دولة المرابطين 
(1090–1147م) 
مؤسسوها من الصنهاجة البربر، قادوا حركة إصلاح ديني بقيادة عبد الله بن ياسين. 
دخلوا الأندلس بقيادة يوسف بن تاشفين، فوحدوها تحت راية واحدة، وأوقفوا زحف الممالك النصرانية مؤقتًا. 

1- يوسف بن تاشفين 
تولّي الحكم: 1061–1106م (45 سنة – في المغرب والأندلس) 
قائد ومؤسس الدولة المرابطية، دخل الأندلس سنة 1086م، وحقق نصرًا كبيرًا في الزلاقة ضد ألفونسو السادس، ثم ضمّ البلاد وأنهى ملوك الطوائف. 
من مآثره: توحيد الأندلس، نصر الزلاقة، عدل إداري صارم 
من المآخذ عليه: تشدد ديني تجاه بعض الفقهاء، عدم بناء مؤسسات دائمة 

2- علي بن يوسف بن تاشفين 
تولّي الحكم: 1106–1143م (37 سنة) 
ابن يوسف، حاول الحفاظ على وحدة الدولة، وواجه تمردات داخلية وصعود المرابطين في شمال المغرب. 
من مآثره: تطوير العمران، اهتمام بالعلماء 
من المآخذ عليه: ضعف سياسي، خسائر متتالية أمام النصارى (أهمها معركة أوقيشة 1139م) 

انهيار المرابطين 
ضعف القيادة، وتزايد الضغط من الموحدين القادمين من الجنوب، أدى لسقوط المرابطين عام 1147م، وبدأت دولة الموحدين. 

ثانيًا: دولة الموحدين 
(1147–1238م) 
حركة إصلاح ديني أقوى من المرابطين، أسسها المهدي بن تومرت، وقادها عبد المؤمن بن علي. 
دخلوا الأندلس بقيادة عبد المؤمن، واستعادوا قوتها تدريجيًا، وحققوا انتصارًا مدويًا في معركة الأرك. 

1- عبد المؤمن بن علي 
تولّي الحكم: 1130–1163م (33 سنة – في المغرب والأندلس) 
قائد عسكري وداهية سياسي، دخل الأندلس ووحّدها، وبدأ مشروعًا مركزيًا قويًا، واهتم بالعلوم والفقه. 
من مآثره: إعادة التوحيد، نقل الثقافة الأندلسية للمغرب 
من المآخذ عليه: القسوة ضد المعارضين، بعض التشدّد في العقيدة 

2- يعقوب المنصور الموحدي 
تولّي الحكم: 1184–1199م (15 سنة) 
أعظم حكام الدولة الموحدية، واجه حملة صليبية ضخمة وهزمها في معركة الأرك 1195م. 
من مآثره: نصر الأرك، تشييد المعالم الكبرى (مثل صومعة حسان)، استقرار اقتصادي 
من المآخذ عليه: التركيز على السلطة أكثر من بناء مؤسسات دائمة في الأندلس 

3- محمد الناصر 
تولّي الحكم: 1199–1213م (14 سنة) 
حاول الحفاظ على مجد أبيه، لكنه هُزم في معركة العقاب 1212م، التي شكّلت ضربة قاصمة للمسلمين في الأندلس. 
من مآثره: الحفاظ على وحدة الدولة 
من المآخذ عليه: ضعف الإعداد السياسي والعسكري للعقاب 
نهاية الموحدين 
بعد هزيمة العقاب، بدأت الدولة الموحدية بالتفكك. 
استقل بنو الأحمر في غرناطة عام 1238م، وتفككت بقية مناطق الأندلس، ولم يبقَ سوى دويلة واحدة… 

خلاصة تحليلية 

مثّل المرابطون والموحدون فترات قوة واسترداد للسيادة الإسلامية في الأندلس. 
أعادوا الوحدة بعد تمزق ملوك الطوائف، وحققوا انتصارات عظيمة (الزلاقة، الأرك). 
لكنهم فشلوا في إنشاء إدارة أندلسية متجذرة، فكانوا أشبه بسلطة وافدة من المغرب. 
سقوطهم سهّل قيام مملكة قشتالة وتوسعها جنوبًا.


📜 المرحلة الرابعة والأخيرة: 

مملكة غرناطة 

مملكة بني الأحمر في غرناطة (1238–1492م)؟
الصفحة الرابعة والأخيرة من سرد الحكم الإسلامي في الأندلس: 

مملكة بني الأحمر في غرناطة (1238–1492م) 
بعد انهيار دولة الموحدين وهزيمة المسلمين في معركة العقاب (1212م)، تفككت الأندلس، ولم يبق من الحكم الإسلامي سوى جيب صغير في الجنوب، بقيادة محمد بن يوسف بن نصر، الذي أسس مملكة غرناطة عام 1238م، واستمرت لأكثر من قرنين ونصف، حتى سقوطها عام 1492م. 
رغم صغر حجمها، استطاعت البقاء عبر الدهاء السياسي، والتحالفات المتقلّبة، والحنكة الاقتصادية. لكنها دفعت ثمن ذلك استقلالها تدريجيًا، إلى أن سلّمت مفاتيحها في النهاية. 

1- محمد الأول بن نصر (الغالب بالله) 
تولّي الحكم: 1238–1273م (35 سنة) 
مؤسس الدولة النصرية في غرناطة، ذكي وسياسي محنّك، عرف متى يتحالف ويقاتل، ونجح في ترسيخ دولته وسط الاضطراب. 
من مآثره: تأسيس الحكم، بناء نواة الحمراء، تأمين الحدود 
من المآخذ عليه: التحالف مع قشتالة ضد مسلمي الداخل أحيانًا 

2- محمد الثاني (الفقيه) 
تولّي الحكم: 1273–1302م (29 سنة) 
خلف والده، وواصل سياسة التوازن، واهتم بالعلماء وبنظم الدفاع، وتوسّع في بناء القلاع والحصون. 
من مآثره: دعم الثقافة، تعزيز الإدارة 
من المآخذ عليه: تساهل مع النفوذ القشتالي مقابل البقاء 

3- يوسف الأول 
تولّي الحكم: 1333–1354م (21 سنة) 
من أبرز سلاطين بني نصر، شهد عصره ازدهارًا عمرانيًا وثقافيًا، وهو الذي شيد الجزء الأكبر من قصر الحمراء. 
من مآثره: روائع الحمراء، ازدهار اقتصادي، سياسة حكيمة 
من المآخذ عليه: ضعف السيطرة على المناطق الجبلية 

4- محمد الخامس 
تولّي الحكم: 1354–1391م (بفترتين، مجموعها 36 سنة) 
حكم في فترتين، الأولى أُطيح فيها، ثم عاد أقوى، وكان عصره ذروة المجد الغرناطي. 
من مآثره: استكمال الحمراء، بناء قصر جنة العريف، نهضة فنية 
من المآخذ عليه: الاعتماد على الجواري والخصيان في القصر، مما سبب مؤامرات 

5- أبو الحسن علي بن سعد 
تولّي الحكم: 1464–1482م 
حكم في نهاية العهد، اشتهر بشجاعته، ورفضه دفع الجزية لقشتالة، لكنه خسر دعم الداخل. 
من مآثره: محاولة الاستقلال السياسي 
من المآخذ عليه: سوء العلاقة مع النخبة، مما مهّد للفتنة الداخلية 

6- أبو عبد الله محمد الصغير (آخر ملوك غرناطة) 
تولّي الحكم: 1482–1492م (10 سنوات) 
عُرف بـ”بو عبدل”، حكم في زمن الانهيار، واجه حصار الملوك الكاثوليك، ثم سلّم مفاتيح غرناطة في مشهد تاريخي مؤلم، ليُطوى الحكم الإسلامي في الأندلس. 
من مآثره: الصمود النسبي في بداية حكمه 
من المآخذ عليه: الانقسام مع والده وأهله، والتنازل المشروط الذي أدى لنهاية الإسلام السياسي في الأندلس 

خلاصة تحليلية 

استمرت غرناطة حوالي 250 سنة رغم صغرها، عبر ذكاء سياسي واقتصادي مدهش. 
لم تكن قوة كبرى، بل كانت تتكيّف مع الموجات المحيطة، وتدفع الجزية مقابل البقاء. 
حافظت على قلاعها، وفنونها، وعمرانها، وذاكرتها الثقافية، حتى حين انهار السيف. 
سقوطها كان إيذانًا بنهاية الحضور الإسلامي في الأندلس عام 1492م، وبدء عصر محاكم التفتيش.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.