ايران: هل الخميني كان صنيعة غربية لإسقاط الشاه؟

أولًا: من هو الشاه ولماذا أرادت قوى كبرى إسقاطه؟

الشاه محمد رضا بهلوي كان حليفًا قويًا للولايات المتحدة منذ الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق عام 1953 في انقلاب نظّمته الـCIA والبريطانيون. وقد دعم الغرب نظام الشاه لعقود، لأنه:

  • ضامن قوي للنفوذ الغربي في الخليج.
  • منسق لمشاريع تصدير النفط بأسعار تتماشى مع المصالح الأمريكية.
  • مانع لنفوذ السوفييت في قلب آسيا.
  • ممهد لإسرائيل في المنطقة، بصفقات سرية وعلاقات استخباراتية.

لكن رغم ولائه، بدأ الشاه يُزعج بعض دوائر القرار في الغرب لأسباب عدة:

  • توسّع طموحه الإقليمي خارج ما رُسم له.
  • بدأ يطرح خطابًا يلمّح باستقلالية القرار وتحدّي الوصاية الأمريكية.
  • محاولة بناء جيش قوي يتجاوز الدور الوظيفي المرسوم.
  • قمعه العنيف للمعارضة أنتج استياءً داخليًا يُخشى انفجاره العشوائي.

ثانيًا: الخميني كأداة أم كقائد تمرّد؟

من المؤكد أن الغرب لم يصنع الخميني، لكن:

  • تم السماح بعودته من المنفى في فرنسا إلى طهران رغم معرفة تأثيره الثوري والديني.
  • فُتح له المجال إعلاميًا (خصوصًا عبر BBC الفارسية) لترويج أفكاره، بينما كانت أي قوى ثورية يسارية تُقمع.
  • لم تتدخل الولايات المتحدة لحماية الشاه كما فعلت سابقًا، رغم تحذيرات استخباراتها.

وهنا نطرح سؤالًا مهمًا: لماذا سُمح للخميني بالقدوم بينما تم ترك الشاه ينهار؟
التحليل الأقرب للواقع هو أن الغرب (وخاصة الولايات المتحدة) لم يصنع الخميني، بل استثمر فيه مؤقتًا كحل بديل منضبط، ظنًّا منهم أنه:

  • سيمنح الشرعية الجماهيرية للنظام الجديد.
  • سيمنع نفوذ اليسار الماركسي في إيران.
  • سيبقي على التعاون النفطي بواجهة دينية تهدئ الشارع الإسلامي.

لكن الرهان انقلب لاحقًا.


متى تمردت إيران على الغرب؟ ولماذا؟

الصدمة الكبرى للغرب جاءت بعد سيطرة التيار الراديكالي داخل الثورة على مفاصل الدولة. أهم محطات التمرّد:

1. اقتحام السفارة الأمريكية 1979 واحتجاز الرهائن:

  • رسالة صريحة أن إيران الجديدة ليست خاضعة للمظلة الغربية.
  • فجّرت أزمة ثقة بين واشنطن وطهران، لم تُحل حتى اليوم.

2. شعار "الموت لأمريكا" أصبح جزءًا من هوية الثورة.
3. دعم حركات مقاومة معادية للغرب (حزب الله، حماس، وغيرهم).
4. التحالف مع أعداء أمريكا (كروسيا والصين) في العقود التالية.
5. البرنامج النووي الإيراني، رغم التهديدات والعقوبات الغربية.

بعبارة واضحة: إيران بعد 1980 لم تعد قابلة للاحتواء ضمن المعسكر الأمريكي، بل تبنّت نموذجًا ثوريًا مستقلًا، رغم كل الخلافات العقائدية الداخلية.


الخلاصة: صناعة مؤقتة أم تمرّد حقيقي؟

  • لم يكن الخميني صنيعة مباشرة للغرب، لكن تم التغاضي عن صعوده مؤقتًا ظنًا بأنه سيكون أقل ضررًا من البدائل.
  • تم التعامل معه كأداة انتقالية لضبط الوضع بعد انهيار الشاه، لكن الحسابات أخطأت.
  • الثورة خرجت لاحقًا عن السيطرة، وتحولت إيران إلى خصم استراتيجي طويل الأمد للولايات المتحدة.
  • الغرب يفضل دائمًا أنظمة خاضعة، حتى لو كانت دينية، لكن إيران الخمينية لم تكن كذلك بعد استقرار السلطة بيدها.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.