الحملات الصليبية: الحملة الصليبية التاسعة (1271م) : الحملة الأخيرة.. حين أدرك الغرب أن الشرق لا يُكسر بالسيف

جاءت الحملة التاسعة كرمقٍ أخير لمشروع الحروب الصليبية. قادها الأمير إدوارد (الذي سيصبح لاحقًا ملك إنجلترا) متأخرًا بعد نهاية الحملة الثامنة، في محاولة متأخرة لحفظ ماء الوجه. لكنها لم تكن حملة بالمعنى الكامل، بل أقرب إلى "بعثة عسكرية محدودة" انتهت بمفاوضات لا بحروب، وبانسحاب نهائي أنهى رسميًا زمن الحملات الصليبية الكبرى.

1. مدة البقاء

دامت الحملة بين ربيع 1271م حتى صيف 1272م، أي ما يقارب سنة وأربعة أشهر، تمركزت خلالها القوات في عكا والمناطق الساحلية القليلة المتبقية تحت السيطرة الصليبية.

2. أبرز القادة في الحملة

  • إدوارد الأول (إدوارد لونغشانكس): أمير إنجلترا حينها، وملكها لاحقًا.
  • عدد محدود من النبلاء الإنجليز، دون مشاركة فرنسية أو ألمانية تُذكر.

3. السبب المعلن

دعم الممالك الصليبية الباقية في الشام، واستعادة الزخم بعد إخفاقات الحملة السابعة والثامنة.

4. السبب الحقيقي

  • محاولة إنجلترا تأكيد نفوذها في الشرق بعد انكفاء فرنسا.
  • التمهيد لتقارب سياسي مع المماليك لحماية المصالح التجارية.
  • إدراك ضمني من إدوارد أن الحروب لن تغيّر المعادلة، لذا حاول لعب ورقة التفاوض.

5. أهم الأحداث العامة

  • وصول إدوارد إلى عكا وإعادة تنظيم الدفاعات.
  • شنّ غارات صغيرة على بعض المدن الساحلية، دون توغّل حقيقي.
  • محاولة اغتيال فاشلة لإدوارد على يد "فدائي" من أنصار الدولة المملوكية.
  • مفاوضات مباشرة مع الظاهر بيبرس انتهت بتوقيع هدنة مؤقتة.

6. أهم الأحداث العسكرية والسياسية

  • لم تقع معارك كبرى، إنما غارات خاطفة ومناوشات محدودة.
  • فشلت محاولات حشد حملة أوروبية كبرى جديدة.
  • أظهرت الحملة أن المشروع الصليبي قد فقد جاذبيته في أوروبا، وأن الانتصار صار مستحيلاً.

7. أبرز القادة المسلمين

  • الظاهر بيبرس: السلطان المملوكي القوي، كان يدير الميدان بذكاء استراتيجي فائق.
  • أدار المفاوضات بنفسه، وعرض الهدنة بدلًا من التصعيد، إدراكًا لطبيعة الحملة المحدودة.
  • حاول اغتيال إدوارد عبر إرسال مبعوث مزعوم لطعنه، لكن المحاولة فشلت.

8. أبرز الملوك والحكام من جانب الحملة

  • إدوارد الأول: أمير إنجلترا وقائد الحملة، عاد إلى بلاده بعد وفاة والده ليعتلي العرش.
  • لم يشارك أي ملك أوروبي آخر في هذه الحملة، مما زاد من عزلتها وقلة تأثيرها.

9. النهاية والخروج

بعد فشل تحقيق أي تقدم عسكري، وقّع إدوارد هدنة مع بيبرس مدتها عشر سنوات.
وفي عام 1272م عاد إلى إنجلترا بعد وفاة والده هنري الثالث، منهياً آخر حملة صليبية كبرى.
ومنذ ذلك الحين، لم تُرسل أوروبا أي حملة ذات طابع ملكي شامل، وبدأت الممالك الصليبية في الشام بالانهيار التدريجي حتى سقوط عكا سنة 1291.

الخاتمة التحليلية

كانت الحملة التاسعة اعترافًا غير مباشر بأن المشروع الصليبي قد وصل نهايته.
لم تعد أوروبا مستعدة لبذل المال والرجال من أجل حلم ديني بات مستنزفًا.
أما العالم الإسلامي، فكان قد أعدّ قيادته الجديدة: المماليك، الذين سيكتبون الفصل الأخير في نهاية الصليبيين.
ومن خلال هذه الحملة، بدأ الغرب يراجع أدواته: لم يعد السيف هو الوسيلة، بل بدأ عهد "الدبلوماسية والتجارة"، في تحول جذري بالمنهج لا بالغاية.

سلسلة: الحملات الصليبية: حروب مقدسة خلف أطماع الملوك

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.