22 يونيو 2025 | تدخل أمريكي مباشر وتحوّل في معادلات الردع

حرب إيران وإسرائيل تدخل طورًا جديدًا: تدخل أمريكي مباشر وتحوّل في معادلات الردع.

ضربات أمريكية على المنشآت النووية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القوات الجوية الأمريكية نفذت ضربات مباشرة استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية: فوردو، نطنز، وأصفهان. وقد شاركت في الغارات قاذفات B‑2 انطلقت من جزيرة غوام، إلى جانب طائرات إسرائيلية، في أول تدخل عسكري أمريكي معلن منذ بدء المواجهة الحالية. ويُنظر إلى هذه الضربات على أنها تصعيد نوعي يرفع مستوى الانخراط الأمريكي في الحرب، ويحوّلها من دعم غير مباشر إلى شراكة ميدانية فعلية.

الرد الإيراني: تكتيك محسوب لا تفجير شامل

ردّت إيران بعدة دفعات من الصواريخ والمسيّرات استهدفت مواقع في الداخل الإسرائيلي، من الجليل شمالًا حتى النقب جنوبًا، مع محاولات متفرقة لاستهداف مصالح أمريكية في العراق وسوريا. الدفاعات الإسرائيلية اعترضت الغالبية، لكن اللافت هو الطابع الانتقائي والدقيق للرد الإيراني، الذي تجنّب التوسيع العشوائي أو استهداف أهداف رمزية كبرى. يُقرأ هذا الرد على أنه محاولة لإثبات القدرة دون استفزاز يقود إلى حرب شاملة.

التوتر الإقليمي: ساحات مفتوحة على الاحتمال

شهدت جبهات العراق ولبنان تحركات لافتة: إطلاق نيران من الحشد الشعبي على مواقع أمريكية في الأنبار، وتصعيد في جنوب لبنان دون إعلان رسمي من حزب الله. كما أبدت الإمارات والكويت مخاوف أمنية، في ظل تنامي التهديد للمصالح البحرية والنفطية في الخليج، مما يعكس هشاشة التوازن الإقليمي. ويبدو أن وكلاء إيران في المنطقة لم يُطلقوا بعد أوراقهم بالكامل، في انتظار تغير المعادلة أو تلقي الضوء الأخضر من طهران.

ارتباك سياسي داخلي في الغرب

داخل الولايات المتحدة، واجه القرار الرئاسي موجة انتقادات في الكونغرس، وسط تساؤلات عن قانونية الضربات ومدى توافقها مع الدستور دون موافقة تشريعية. أما في أوروبا، فقد صدرت مواقف متباينة، بين التحذير من التصعيد، والدعوة إلى ضبط النفس، مع رفض فرنسي وألماني لمزيد من الانخراط في الحرب. هذا الانقسام يضع واشنطن في موقف دولي أكثر عزلة، خاصة في ظل غياب غطاء من مجلس الأمن حيث تلوّح روسيا والصين باستخدام الفيتو لوقف أي تحرك أممي داعم.

التحليل الاستراتيجي للأحداث

يشير إلى أن دخول الولايات المتحدة المباشر في الحرب يؤكد أن إسرائيل وصلت إلى حدود استنزاف قدراتها الذاتية، وأن تل أبيب لم تعد قادرة على تحمّل التصعيد وحدها. من جهة أخرى، فإن واشنطن تدرك أن السماح بانكسار الردع أمام إيران قد يفتح شهية خصومها في ملفات أخرى، مثل أوكرانيا أو تايوان. إلا أن هذا التدخل يهدد بتحويل المواجهة إلى حرب استنزاف طويلة، في لحظة ضعف داخلي أمريكي واستقطاب عالمي حاد. الرد الإيراني حتى الآن يُظهر حرصًا على البقاء ضمن هامش المناورة دون تجاوز خط الحرب المفتوحة، لكن استمرار الضربات الأمريكية قد يدفع طهران إلى إعادة تعريف قواعد الاشتباك. في المقابل، فإن حلفاء إيران الإقليميين يحتفظون بأوراق غير مفعّلة، ما يضع المنطقة كلها أمام مفترق حرج: إما الانتقال إلى مفاوضات برعاية دولية تضع سقفًا للتصعيد، أو التورط في دوامة حرب متعددة الجبهات تجرّ أطرافًا دولية لا تزال تنتظر الوقت المناسب للتدخل.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.