فهم الخطاب الاعلامي - الاعلام والتضليل: أدوات ضبط وأمن: كيف يُصنع الوعي الزائف

عندما يصبح الخبر سلاحًا

الدور الأمني للإعلام

يُقال إن الإعلام هو السلطة الرابعة، وإن مهمته مراقبة السلطات.
لكن في الواقع، حين يندمج الإعلام مع أجهزة السلطة، لا يعود سلطة مستقلة، بل يتحول إلى ذراع أمني ناعم، يُعيد إنتاج السيطرة، لا فضحها.
وحينها يصبح الخبر أداة توجيه، لا وسيلة معرفة.

الإعلام كأداة ضبط جماهيري

في الأنظمة الاستبدادية، وظيفة الإعلام واضحة:
التحكم بالرأي العام، تجريم الخصوم، تسويق الولاء، وتثبيت النظام القائم.
لكن الأخطر ليس إعلام الديكتاتوريات، بل الإعلام الذي يُقدَّم كحرّ، ويؤدي وظيفة أمنية بطريقة خفية:

  • بتوجيه الانتباه
  • بصناعة الأعداء
  • وبإعادة تعريف الوطنية كمطابقة للدولة، لا انحيازًا للحق

كيف يتحول الخبر إلى أداة ضبط؟

  1. التأطير الأخلاقي: يُقدَّم حدثٌ ما بصيغة تُحرّك الضمير لصالح جهة معينة.
  2. اختيار اللغة: يتم تسمية المقاومة إرهابًا، والاحتلال أمنًا، والتبعية انفتاحًا.
  3. تحديد العدو: يُصنَع عدو داخلي (معارض، ناشط، صحفي مستقل) فيُربط بالأذى العام، وكأنه خطر على الأمن.

الإعلام كـ"مكمل أمني"

في كثير من الحالات، يُمهِّد الإعلام للإجراءات الأمنية:

  • حملة إعلامية ضد "فئة مريبة"
  • ترويج خطر "قادم من الخارج"
  • تخويف الجمهور من الانفلات، وبالتالي تبرير القمع

الإعلام هنا لا يُخبر… بل يُجنّد.

شرعنة القمع

حين يُعتقل ناشط أو يُمنع كتاب أو يُحظر رأي، لا يُقدَّم الأمر كقمع، بل كـ"إجراء قانوني"، أو "منع للفتنة".
هنا، يُصبح الإعلام شريكًا في الشرعنة، فيُسهم في تطبيع القمع باسم الحفاظ على السلم أو الأمن القومي.

من يحرّر من؟ ومن يُدجّن من؟

يجب أن يُطرح السؤال بوضوح:
هل الإعلام يحررنا من الخوف؟ أم يُعمّقه فينا باسم الحذر؟
هل يساعدنا على الفهم؟ أم يُعطينا نسخة آمنة ومراقَبة من الواقع؟
حين يصبح الخبر نفسه مبرمجًا وفق رؤية أمنية، نكون أمام تضليل مركّب، لا مجرد تحيّز.

الوعي هو الحصانة

  • لا تثق بالحياد الظاهري إن لم تُفكك اللغة المستخدمة.
  • لا تبتلع الرواية قبل أن تعرف من المستفيد من صياغتها.
  • لا تفترض أن الخبر هدفه الإخبار… بل اسأل دائمًا: من يريدك أن تعرف هذا الآن؟ ولماذا؟

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.