
من الإرهاب... إلى "ما يخيف الغرب"
تاريخيًا، بدأ مصطلح الإرهاب بوصفه سلوكًا عنيفًا يُمارس لنشر الخوف وتحقيق أهداف سياسية. لكن منذ نهاية الحرب الباردة وبداية عصر الهيمنة الأمريكية، تغيّر جوهر المصطلح: لم يعد يشير إلى سلوك، بل إلى "الآخر الذي لا يشبهنا"، إلى من يهدد مصالح الغرب، أو يكشف نفاقه.
صار "الإرهاب" لصيقًا بالعرب والمسلمين، حتى قبل أن يُطلقوا رصاصة. وصار الإعلام الغربي يُعيد إنتاج صورة نمطية تقول إن من يرفع السلاح ضد الاحتلال أو الاستبداد هو إرهابي، بينما من يقصف المدنيين بطائرات "الدرون" من وراء البحار يُسمّى "مدافعًا عن الحرية".
تعريف غير موجود... لكن العقوبة جاهزة
المفارقة أن لا اتفاق دوليًّا على تعريف موحّد للإرهاب. حتى الأمم المتحدة فشلت، لعقود، في صياغة تعريف جامع. والسبب؟ أن هذا التعريف، إن كُتب بصدق، سيُدين أقوى دول العالم وسياستها الخارجية.
ولهذا، تُرك التعريف عموميًا وغامضًا، ليُستخدم حسب الهوى السياسي:
- المقاومة الفلسطينية؟ إرهاب.
- الاحتلال الإسرائيلي؟ دفاع عن النفس.
- حزبٌ يُقاتل الاستعمار؟ إرهابي.
- ميليشيا تدعمها واشنطن؟ معتدلة.
هذا التلاعب لا يُستخدم فقط في الإعلام، بل في قرارات مصيرية: حظر كيانات، تجميد أموال، تسليم مناضلين، تبرير حروب، بل حتى تشريع اغتيالات خارج القانون.
عندما يكون "الإرهاب" أداة هندسة وعي
أخطر ما في هذا المصطلح، ليس فقط ما يُلصق به، بل ما يُسكت عنه باسمه. فباسم "مكافحة الإرهاب"، جرى:
- غزو دول بأكملها (أفغانستان، العراق)
- إنشاء سجون خارج القانون (غوانتانامو)
- تمرير قوانين تقييد الحريات (قانون باتريوت الأميركي)
- قمع الشعوب المسلمة في الغرب باسم "الوقاية"
- دعم أنظمة استبدادية بزعم "محاربة التطرف"
لقد تحوّل "الإرهاب" إلى كلمة مفخخة، تُمكّن الحاكم من سحق معارضيه، وتمنح الدولة الذرائعية لارتكاب ما كان يُعدّ جرائم.
تفكيك التضليل: لا مقاومة بلا عنف، ولا حرية بلا سردية عادلة
المقاومة المسلحة ليست دائمًا إرهابًا، بل قد تكون تعبيرًا مشروعًا عن الحق، كما أقرّته مواثيق الأمم المتحدة. أما الإرهاب الحقيقي فهو في:
- القصف الجوي على أطفال بلا ملاجئ
- تجويع الشعوب باسم العقوبات
- دعم أنظمة دموية خوفًا من الديمقراطية الحقيقية
- قتل آلاف المدنيين باسم "الأضرار الجانبية"
فمن يُرهب الشعوب أكثر: من يزرع عبوة في طريق جنود احتلال، أم من يُطلق ألف صاروخ على أحياء سكنية؟
سلسلة: مصطلحات مضللة شائعة