
ما المقصود بالشرعية الدولية؟
"الشرعية الدولية" في جوهرها تعني الالتزام بالقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ومبادئ حقوق الإنسان. لكن الواقع يُظهر أن هذه "الشرعية" لا تُطبَّق إلا حين تُناسب مصالح القوى الكبرى، وغالبًا ما تُعلّق، أو يُعاد تفسيرها، عندما يُخشى من نتائجها على "النظام العالمي".
فالاحتلال الإسرائيلي مثلًا، يدوس على عشرات القرارات الأممية، منذ أكثر من 70 عامًا، دون أن يُعاقب. بينما تُفرض العقوبات على دول بأكملها إن هي خالفت إرادة واشنطن أو حلفائها، حتى لو لم تنتهك أي قانون صريح.
من الذي يملك "حق الشرعية"؟
الهيئات الدولية الكبرى – من مجلس الأمن إلى محكمة العدل الدولية – تُهيمن عليها الدول الخمس دائمة العضوية. هذه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تمتلك "الفيتو"، ما يجعل قرارات العالم تُجمّد إن لم تُرضِ مصالحهم.
فالشرعية هنا لا تعني الإجماع، بل تعني رضا الكبار. ومن لا يملك مقعدًا دائمًا، لا يملك شرعية قرار.
هل رأيت يومًا "الشرعية الدولية" تتحرك لحماية غزة؟ أو لتجريم غزو العراق؟ أو لمحاكمة مجرمي حرب من الغرب؟ الجواب معروف، والصمت أبلغ من البيان.
الشرعية المسلوبة: كيف تُحوَّل إلى أداة للابتزاز؟
هذا المصطلح يُستخدم في الخطاب السياسي كأداة لابتزاز الدول الصغيرة، وفرض الإذعان على الشعوب:
- تُفرض على المقاومة الفلسطينية شروط "الشرعية الدولية" التي لا تُطبّق على الاحتلال
- تُهدّد دول الجنوب بـ"العزلة الدولية" إن خالفت النموذج الغربي
- تُستخدم قرارات مجلس الأمن كسيف سياسي، لا كميزان عدالة
- تُحوّل المحاكم الدولية إلى منصات لمحاكمة الخصوم، لا الأصدقاء
النتيجة؟ الشرعية تتحوّل إلى أداة هندسة سياسية لا تحمي الضعفاء، بل تُطوّعهم، وتصوغ وعيهم، وتفرض عليهم حدودًا وهمية للحق.
تفكيك التضليل: العدالة لا تكون مشروطة بالقوة
الشرعية الدولية الحقيقية هي تلك التي تحمي الإنسان من تغوّل الدولة، لا التي تشرعن للدولة سحق الإنسان. وإن كان القانون لا يُطبّق على الجميع، فإنه ليس قانونًا، بل مجرد ورقة تفاهم بين الأقوياء.
حين تُصبح مقاومة الاحتلال غير شرعية، وحصار الشعوب مشروعًا، واغتيال القادة "دفاعًا عن النفس"، فإن "الشرعية" قد تخلّت عن العدالة، وأعلنت انحيازها.
سلسلة: مصطلحات مضللة شائعة