
من هو "المتطرف"؟ من يحدّد ذلك؟
لا توجد في القانون الدولي صيغة موحدة لتعريف "التطرف"، فهو مفهوم نسبي. لكن الإعلام الغربي، بالتواطؤ مع الأنظمة التابعة، رسم ملامح نمطية للمتطرف:
- من يرفض الاحتلال… متطرف.
- من لا يعترف بإسرائيل… متطرف.
- من ينتقد "الليبرالية الحديثة" أو "قيم الغرب"… متطرف.
- من يتمسّك بدينه في المجال العام… متطرف محتمل.
أما من يغزو، ويقصف، ويدعم الانقلابات، وينهب الثروات، ويشعل الفتن الطائفية… فـ"شريك استراتيجي في مكافحة التطرف".
اعتدال مصمَّم مسبقًا
وفق هذا المنطق، لا يُطلب من الشعوب أن تكون معتدلة في ذاتها، بل أن تتّبع نموذجًا معينًا للقبول العالمي. فالاعتدال هو أن تُدِين المقاومة، وتعترف بـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وتُطبّع مع من يذبح، وتَصمُت حين يُقصف الأطفال.
إنه اعتدال الخنوع، لا اعتدال الوعي. وإن لم تنطبق عليك هذه المواصفات، فبطاقتك الإعلامية والسياسية جاهزة: "متطرف"، وربما "إرهابي محتمل".
التطرف كأداة للهندسة المجتمعية
يُستخدم مصطلح التطرف في سياسات كثيرة لتبرير:
- مراقبة المساجد والمؤسسات الإسلامية في الغرب
- منع التمويل عن الجمعيات الخيرية بدعوى "الاشتباه"
- إعادة صياغة المناهج التعليمية في دول الجنوب
- فرض رقابة ناعمة على المحتوى الديني والإعلامي
- تبرير الاستئصال الثقافي والرمزي لمكوّنات الأمة
وفي ذلك، لا تُستهدف الجماعات العنيفة فحسب، بل الهوية الجماعية للشعوب الإسلامية، باعتبارها "حاضنة أيديولوجية" إن لم تُعدّل سلوكها وفق القالب الغربي.
تفكيك التضليل: رفض الظلم ليس تطرفًا
ليس من التطرف أن تقول "لا" للهيمنة. وليس من الاعتدال أن تبيع ضميرك لتنجو من التصنيف. إن أخطر ما في هذا المصطلح أنه يسحب الشرعية من الموقف الأخلاقي إن لم يكن مقبولًا سياسيًا.
التطرف الحقيقي هو أن تُجرّم من يدافع عن حقه، وأن تُسمّى "متشددًا" فقط لأنك ترفض الاحتلال، أو لا تقبل بنصف الكرامة. أما التطرف الأقصى، فهو أن يُقتل الأطفال كل يوم، ثم يُطلب منا أن نُدين غضبَنا لا قاتلَهم.
سلسلة: مصطلحات مضللة شائعة