
استبدال المفاهيم: الدكتاتورية بدل الحكم المخالف
حين يحكم نظام بصرامة، يفرض القانون، يواجه الفوضى، ويرفض التبعية للغرب، يُصنّف فورًا كـ"دكتاتوري". هذا الوصف لا يُعطى بناءً على معايير موضوعية للحريات أو القمع، بل بناءً على مدى تقبّل النظام أو الحاكم لمصالح وأجندات الدول الكبرى.
هكذا:
- الحاكم الذي يطيح بالفاسدين وينظّم الدولة، يُتهم بالقمع.
- النظام الذي يرفض الهيمنة السياسية أو الاقتصادية، يُوصم بالاستبداد.
- القوانين الصارمة التي تحمي الأمن تُحوّل إلى أدوات "قمع".
أمثلة تاريخية ومعاصرة على الاستخدام المضلل
- جمال عبد الناصر (مصر): يُقدّم غالبًا في الإعلام الغربي كديكتاتور، مع تجاهل كفاحه ضد الاستعمار وتأميم قناة السويس، ومحاولته بناء دولة قوية تنهي الفوضى والاحتلال.
- صدام حسين (العراق): رغم محاولاته الاستقرار ومكافحة الفساد، صُنّف "شريرًا" بعدما تغيّرت مصالح الغرب، وتحولت صورة النظام إلى أداة لتبرير الغزو والحصار.
- أنظمة في العالم العربي وآسيا: يُوصف القائد الذي يرفض الخضوع بالديكتاتور، في حين تُغضّ الأنظار عن أنظمة دكتاتورية حليفة تدعمها القوى الكبرى.
الإعلام كآلة صناعة العدو
وسائل الإعلام الغربية تلعب دورًا مركزيًا في ترسيخ هذا التشويه، عبر إبراز السلبيات وإخفاء الإيجابيات، ورسم صورة نمطية للحاكم "الدكتاتوري" كعدو للحرية، حتى وإن كان الواقع يعكس استقرارًا أو نضالاً ضد الفساد.
يُكرّر الخطاب أن "الدكتاتورية" هي سبب كل المشاكل، متجاهلين أن الاستقرار، وإن كان صارمًا، قد يكون ضروريًا في بيئات مضطربة.
التوظيف السياسي للمصطلح
وصف النظام بالدكتاتورية يُستخدم مبررًا لضغوط سياسية، وعقوبات اقتصادية، ودعم المعارضة، وأحيانًا للتدخل العسكري. يتحول المصطلح من توصيف موضوعي إلى أداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي حسب رغبة القوى الكبرى.
تفكيك التضليل: الحكم العادل لا يُقاس بمدى رضى القوى الكبرى
الحكم العادل هو ذلك الذي يحقق الأمن والعدل والاستقرار لشعبه، وليس الذي يُرضي اللوبيات الخارجية. لا يجب أن يُصبح التمرد على الهيمنة عنوانًا للدكتاتورية، ولا يُستخدم المصطلح لتبرير التدخلات أو فرض الوصاية.
الفصل الحقيقي بين الدكتاتورية والحكم العادل يبدأ بإنصاف الرؤية والبعد عن الاستغلال السياسي للمصطلحات.
سلسلة: مصطلحات مضللة شائعة