مصطلحات مضللة: المصالح المشتركة: من يكتب قائمة الشراكة؟

"لدينا مصالح مشتركة"... عبارة تُقال وكأنها توصيف لعلاقة ندّية بين طرفين متساويين في الإرادة والسيادة. لكنها في الواقع، وفي أغلب السياقات، ليست سوى قناع لغوي يُخفي تفاوتًا فادحًا في موازين القوى، حيث تُفرض المصالح من طرف وتُبتلع من الطرف الآخر.

من يُحدّد ما هو "مشترك"؟

حين تعلن دولة كبرى عن "مصالح مشتركة" مع بلد صغير، فهي غالبًا تعني:

  • مصالحها هي،
  • وشراكة على شروطها،
  • وتعاون وفق رؤيتها للأمن والاقتصاد،
  • مع توقعات بأن يُظهر الطرف الأضعف "تفهمًا" و"مرونة" و"استعدادًا لتقديم التنازلات".

بالتالي، يصبح "الاشتراك" شكليًا، و"التكافؤ" مجرد ديكور لغوي.

المصالح التي لا تتقاطع... بل تتغوّل

تُبرم صفقات الطاقة، وتُبنى القواعد العسكرية، وتُفتح الأسواق، ويُعاد تشكيل المناهج التعليمية—all تحت شعار "المصالح المشتركة". لكن في الجوهر، هي مصالح دولة تُعيد تشكيل أخرى، سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، باسم التعاون لا الاحتلال.

وإذا تجرّأ الطرف الأضعف على إعادة تعريف مصالحه، خارج السياق المرسوم له، يُتَّهم حينها بـ"تهديد الاستقرار"، أو "تقويض التحالف"، أو حتى "الانحراف عن الإجماع الدولي".

المصطلح كأداة للهندسة السياسية

"المصالح المشتركة" ليست اتفاقًا حرًا في أغلب الحالات، بل صيغة مهذبة لإعلان التبعية الطوعية أو الإجبارية. ويكفي أن نلاحظ كيف تُستخدم العبارة حين تُطالب دولة ما بالتطبيع، أو حين يُفرض عليها الالتزام باتفاقيات دولية لا تحقق لها سوى مزيد من الانكشاف الاقتصادي أو الأمني.

سلسلة: مصطلحات مضللة شائعة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.