مصطلحات مضللة: راعية الإرهاب: حين تصبح المقاومة تهمة، والسيادة شبهة

لم يعد مصطلح "راعية الإرهاب" توصيفًا لسلوكيات الدولة، بل أصبح ختمًا سياسيًا جاهزًا يُلصق بأي نظام يرفض الإملاءات الغربية أو يحتضن قضايا تحرر الشعوب. تمامًا كما يحدث مع "الدولة المارقة"، يُستخدم هذا اللقب كأداة لتجريم المواقف، لا الأفعال.

من يُعرّف الإرهاب؟

جوهر التضليل في هذا المصطلح يكمن في من يملك تعريف "الإرهاب" أصلًا. فإذا كانت المقاومة المسلحة للاحتلال تُصنّف كـ"إرهاب"، فإن كل من يدعمها يصبح تلقائيًا "راعيًا للإرهاب".
هكذا، تُحوَّل أي دولة تؤوي منفيين سياسيين، أو تفتح منبرًا لقضية عادلة، إلى عدو دولي يُفرض عليه الحصار، ويُطلب من الجميع "عزلها".

التصنيف حسب الهوى

لا تخضع الدول لتصنيف "راعية الإرهاب" بناءً على أدلة قانونية أو محاكمات نزيهة، بل بناءً على مصالح سياسية بحتة.
فالدول التي تموّل ميليشيات وتُسقِط أنظمة وتحاصر شعوبًا لا تُدرج غالبًا في هذه القائمة، طالما كانت ضمن المعسكر الصحيح سياسيًا. أما من يرفض الاصطفاف أو يهدد هيمنة الغرب، فمآله التهمة الجاهزة: "راعية للإرهاب".

التضليل في هندسة السرد

المفارقة أن هذا المصطلح لا يُستخدم لوصف الأنظمة القمعية أو الدول التي تمارس الإرهاب فعليًا ضد شعوبها أو ضد الآخرين، بل يُطلق غالبًا على دول داعمة لقوى مقاومة الاحتلال أو المتحررة من الهيمنة الاقتصادية.

إنها لعبة سرديات؛ حيث يتحكّم الطرف الأقوى في المصطلح، فيُلبسه لمن شاء، وينزعه عن من شاء، بصرف النظر عن الحقيقة.

سلسلة: مصطلحات مضللة شائعة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.