مصطلحات مضللة: الاستقرار في المنطقة: عندما يُصبح الجمود هو الهدف

من أكثر المصطلحات رواجًا في الخطاب السياسي الغربي، وخصوصًا في التصريحات الرسمية الصادرة عن القوى الكبرى، عبارة: "نحن ندعم الاستقرار في المنطقة".

لكن ما المقصود فعلاً بهذا "الاستقرار"؟
وهل هو استقرار الشعوب؟ أم استقرار المصالح؟

الاستقرار بوصفه أداة لضبط التغيير

عند تفكيك هذا المصطلح، نكتشف أن ما يُسمّى بـ"الاستقرار" لا يعني إنهاء الصراعات أو إرساء العدالة، بل يعني غالبًا: الحفاظ على الوضع القائم، بما يخدم مصالح القوى الكبرى، حتى وإن كان هذا الوضع غير عادل، أو غير مشروع، أو غير مقبول شعبيًا.

فـ"الاستقرار" في قاموس السياسة الدولية قد يعني بقاء أنظمة استبدادية لأنها "شريكة موثوقة"، وقد يعني قمع حركات تحرر لأنها "تهدد أمن المنطقة"، وقد يعني تطبيعًا مع احتلال لأنه "حل واقعي".

حين يُصبح الاحتلال عنصر استقرار!

في حالات كثيرة، تُبرَّر بقاء قواعد عسكرية أجنبية، أو صفقات سلاح ضخمة، أو تحالفات مع أنظمة قمعية، تحت عنوان "الحفاظ على استقرار المنطقة".
في المقابل، توصف أي حركة مقاومة أو ثورة شعبية بأنها "تهديد للاستقرار"، لأنها ببساطة تُربك هندسة النفوذ الغربي.

وهكذا يُختزل الاستقرار إلى نوع من الجمود الموجّه، الذي يُدار من الخارج، ويُفرض على الداخل.

الاستقرار المزيف كبديل للحرية

ما يُروّج له اليوم بوصفه "استقرارًا"، ليس إلا نظامًا دوليًا لإدارة الفوضى ضمن حدود مضبوطة، حيث يُسمح للفقر أن ينتشر، وللاستبداد أن يحكم، وللمجتمعات أن تُرهق، ما دام هذا كله لا يُربك تدفّق الطاقة، أو ممرات الملاحة، أو هندسة التحالفات.

فالاستقرار هنا لا يُقاس بعدد المدارس ولا بكرامة الإنسان، بل بعدد الاتفاقيات الجيوسياسية التي لم تُمسّ.

سلسلة: مصطلحات مضللة شائعة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.