
لكن مع مرور الزمن وتغير الأوضاع الاجتماعية، ظهرت صورة أخرى لـ"الرجولة" في بعض المجتمعات، خاصة تحت تأثير التحولات الثقافية الحديثة وأشكال الهيمنة الذكورية، ما يُعرف اليوم بـ"الذكورة السامة" (Toxic Masculinity).
الفروسية القديمة: نبل وشرف في الدفاع والمروءة
الفارس العربي القديم كان مثالًا في التضحية والدفاع عن الأسرة والقبيلة، ولم تكن قوته فقط جسدية بل روحية وأخلاقية.
كان يُقدّر التواضع، والحكمة، والعدل، ويُدين الظلم والجبن.
وكانت الشهامة تعني أن تحمي النساء والأطفال، وتكون رمزًا للأمان.
الذكورة السامة: قوة بلا وعي وأذى متكرر
على النقيض، الذكورة السامة هي نمط سلوك ذكوري يُشجّع على العنف، والقمع، وعدم التعبير عن المشاعر، والتسلط على الآخرين، خصوصًا النساء.
هذه الصورة تُغذي الانغلاق النفسي، والكبت العاطفي، وتؤدي إلى:
- استخدام العنف لحل الخلافات.
- رفض اللين والتعاطف.
- السيطرة على الآخرين باسم "الرجولة".
- تقليل قيمة المرأة وإخضاعها.
كيف تحولت الرجولة إلى عبء؟
في بعض المجتمعات العربية، ضُغط على الرجل بأن يُظهر نفسه كـ"متحكم صارم"، لا يُظهر ضعفًا، ويملك "السيطرة المطلقة".
هذه التوقعات المبالغ فيها تحوّل الرجولة إلى قيد نفسي، وعبء ثقيل، تترتب عليه مشاكل مثل:
- مشاكل نفسية وانفجارات غضب.
- فشل في بناء علاقات إنسانية صحية.
- ارتفاع معدلات العنف الأسري والاجتماعي.
استعادة الفروسية النبيلة
نحن بحاجة اليوم إلى إعادة بناء مفهوم الرجولة على أسس الفروسية القديمة التي تحتفي بـ:
- الشجاعة المسؤولة.
- التعبير عن المشاعر الإنسانية.
- حماية الضعفاء بدون استعلاء.
- التعاون والتعاطف.
الرجولة ليست في العضلات أو السيطرة، بل في القوة التي تُستخدم للخير.
الخاتمة
الرجولة الحقيقية هي التي تُخرج الإنسان من دائرة العنف والهيمنة إلى دائرة المسؤولية الأخلاقية والإنسانية.
حين نفهم الرجولة كفروسية، لا ذكورة سامة، نستطيع بناء مجتمعات أكثر عدلًا وسلامًا.
فلنُعيد تعريف الرجولة كما تستحق: شجاعة الرحمة، وعظمة الوعي.