
لقد زرعت السينما في وجداننا صورًا وأحلامًا عن الحب، ملأت عقولنا برومانسية لا تنتهي، وقصصًا مثالية من اللقاءات المصيرية والوعود الأبدية.
لكن ما علاقة هذه الصور بأحوالنا الحقيقية؟ وكيف ساهمت الثقافة البصرية في صنع وهم رومانسي يحاصرنا ويدفعنا نحو خيبات متكررة؟
السينما: مصنع الأحلام والمثالية
السينما لا تعرض الواقع، بل تصنع نسخةً منه، مُزخرفة ومُنمقة، حيث يظهر الحب كرحلة من النشوة والاكتمال، دون أن تُظهر الوجوه القبيحة أو المظلمة في العلاقات.
هذه الصورة تُخدعنا لأنها تُغفل التعقيدات النفسية والاجتماعية، وترسم لنا خارطة طريق واحدة للحب: أن يكون مثاليًا، وأن يستمر رغم كل العقبات دون أن يترك أثر الألم.
كيف تصنع السينما خيالنا العاطفي؟
نحن نستهلك الأفلام والروايات، ونأخذ منها نماذج للحب.
هذه النماذج تتحول إلى رموز ذهنية في أدمغتنا، ونبدأ بفرضها على علاقاتنا الواقعية.
ونحن في العادة لا ننتبه إلى أن العلاقات الحقيقية تحمل تباينات، وارتباكًا، وصراعات، لكنها تبقى حقيقية.
خيبة الواقع أمام مثالية السينما
عندما نواجه واقعًا مختلفًا عن الخيال السينمائي، نشعر بالخذلان والمرارة.
ونبدأ في لوم الآخر، أو أنفسنا، أو حتى الحب ذاته، متناسين أن التوقعات التي حملناها كانت مستمدة من عالم لا يمت للحقيقة بصلة.
نقد ثقافي: هل نتحرر من وهم الرومانسية؟
التحرر يبدأ بفهم أن الحب ليس فيلمًا يُعرض على الشاشة، بل علاقة معقدة متغيرة تتطلب صبرًا، تفاهمًا، ونضجًا.
الأفلام الجيدة ليست تلك التي تصور الحب بشكل مثالي، بل تلك التي تُظهره كما هو: متشابك، مليء بالتناقضات، لكنه حقيقي.
خاتمة
عندما نعلم أن السينما صنعت فينا هذا الوهم، نبدأ في تحرير أنفسنا من قيود التوقعات الزائفة، ونُعيد بناء علاقتنا على أرض الواقع، لا على شاشة خيالية.