السيادة الاقتصادية: الخصخصة في العالم العربي: تحرير للسوق أم رهن السيادة؟

تُروّج الخصخصة في الخطاب الرسمي العربي على أنها "إصلاح اقتصادي" ضروري لتحرير الأسواق وجذب الاستثمارات، لكنها في العمق تمثل آلية لنقل الأصول العامة إلى أيدي رأس المال المحلي والأجنبي، بما يقوّض السيادة الاقتصادية ويعيد توزيع الثروة لصالح القلة.

1. الخصخصة كإملاء خارجي

غالبًا ما تأتي برامج الخصخصة تحت ضغط مؤسسات دولية مثل صندوق النقد أو البنك الدولي، والتي تشترط "فتح السوق" و"بيع الأصول الحكومية". أي أن القرار الاقتصادي ليس نابعًا من حاجة وطنية بل من وصفة جاهزة لدمج الاقتصاد في المنظومة العالمية.

2. بيع الأصول تحت ضغط العجز

عند إعلان الحكومة عن خصخصة شركات أو مؤسسات استراتيجية، يكون ذلك غالبًا نتيجة ضغط مالي أو عجز في الميزانية.

  • أصول حيوية مثل المصانع أو الموانئ تُباع بأسعار تقل عن قيمتها الحقيقية.
  • المواطن يدفع الثمن من خلال فقدان أدوات الدولة الاقتصادية الأساسية.

3. من احتكار الدولة إلى احتكار الشركات

الخطاب الرسمي يروّج للخصخصة باعتبارها "تحرير المنافسة"، لكن التجربة أثبتت أن الاحتكار غالبًا يتحول من الدولة إلى الشركات الكبرى، مما يعني:

  • الأسعار ترتفع دون تحسن في الجودة.
  • الأرباح تصبح محتكرة، والخسائر على المواطنين.

خصخصة الأرباح وتعميم الخسائر.

4. أثر الخصخصة على السيادة

بيع الموانئ والمطارات وقطاعات الطاقة يجعل الدولة تفقد أدواتها السيادية الأساسية. هذه القطاعات ليست مجرد أصول اقتصادية، بل أذرع سيادية تتحكم في الأمن القومي والسياسة العامة.

5. الخصخصة والطبقات الاجتماعية

  • النخبة الاقتصادية تستفيد من شراء الأصول بأسعار تفضيلية.
  • المواطن العادي يتحمل الأعباء: ارتفاع الأسعار، انخفاض الدعم، وقلة الخدمات.

الخلاصة النقدية

الخصخصة ليست تحريرًا حقيقيًا للسوق، بل أداة إعادة توزيع السلطة والثروة لصالح رأس المال المحلي المرتبط بالخارج. المواطن يصبح مستهلكًا بلا حماية، بينما الأصول الوطنية تذهب إلى المستثمرين الأجانب.

سلسلة: السيادة الاقتصادية: بين الضرائب والديون والخصخصة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.