
1. الأيديولوجيا مقابل السياسة العملية
السعودية تعتمد على الدعوة الوهابية، التي تمثل تيارًا محافظًا وثابتًا، يركز على الثوابت الدينية أكثر من الديناميات السياسية. بالمقابل، تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية (AKP) ومن خلال تجربة الرئيس رجب طيب أردوغان، استخدمت الدين الإسلامي كأداة سياسية مرنة لتوسيع نفوذها في المنطقة، من فلسطين وسوريا إلى شمال أفريقيا وجنوب آسيا. هذا المزيج بين الدين والسياسة العملية جعل من تركيا نموذجًا أكثر جذبًا وتأثيرًا.
2. الوسائل الإعلامية والناشطون
تركيا استثمرت بكثافة في وسائل الإعلام الإسلامية، القنوات التلفزيونية، والمنصات الرقمية، لترويج نموذجها السياسي الإسلامي المعاصر. في المقابل، السعودية اكتفت بالخطاب الديني التقليدي، ما جعل تأثيرها يتراجع بين الأجيال الشابة التي تبحث عن مرونة سياسية ودينية في الوقت ذاته.
3. النفوذ الإقليمي والمشاريع الاستراتيجية
تركيا نفذت سياسات خارجية ذكية باستخدام الدين كغطاء، مع دعم حركات إسلامية وسياسية في مختلف الدول (مثل دعم بعض الفصائل في فلسطين، والوجود في ليبيا وسوريا)، ما منحها مركزية استراتيجية بين الشعوب الإسلامية النشطة سياسيًا. السعودية، رغم قوتها الاقتصادية، لم تستطع ترجمة نفوذها المالي إلى مركزية سياسية ودينية مماثلة، خاصة مع تراجع مصداقية بعض برامجها الإقليمية.
4. الأزمة الداخلية في السعودية
الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الداخلية في السعودية، إلى جانب الصورة النمطية عن صلابة النظام الدينية المحافظة، جعلت بعض الشعوب الإسلامية تبحث عن نموذج بديل أكثر حيوية وتأثيرًا، وهو ما وفرته تركيا عبر الجمع بين الدين والحداثة السياسية، والمظهر القوي على الساحة الإقليمية.
التحليل النقدي النهائي
المركزية الإسلامية ليست ثابتة، فهي تتعلق بالقدرة على الجمع بين الدين والسياسة والمشاريع الإقليمية والإعلامية. تركيا نجحت في أن تقدم نموذجًا أكثر ديناميكية، بينما السعودية حافظت على مركزيتها الرمزية الدينية، لكنها فقدت جزءًا كبيرًا من قدرتها على التأثير العملي والسياسي بين الشعوب الإسلامية خارج حدودها. هذا التحول لا يعني بالضرورة صراعًا مفتوحًا بين البلدين، لكنه يعكس تغيرات استراتيجية طويلة الأمد في قيادة الخطاب الإسلامي الإقليمي.