
القرن السادس الهجري → تقريبًا 1121–1269م - ابن تومرت بدأ دعوته منتصف القرن السادس الهجري، وامتد حكم الموحدين في المغرب والأندلس حتى نهاية القرن السابع الهجري.
في جبال المغرب الأقصى ووسط الفوضى السياسية التي عصفت بالعالم الإسلامي في القرن السادس الهجري، ظهرت حركة الموحدين لتعيد تشكيل الخريطة من جديد. قادها رجل واحد، ابن تومرت، الذي رفع شعار التوحيد الخالص وتنزيه الله، محوِّلًا دعوة إصلاحية صارمة إلى ثورة مسلّحة. سرعان ما أطاحت المرابطين وأقامت إمبراطورية امتدت من المغرب حتى الأندلس. لكن هذه الدولة التي انطلقت من فكرة دينية ثورية، لم تصمد طويلًا أمام تناقضاتها الداخلية وضغط الصليبيين.
ابن تومرت: الفكرة والمؤسس
- وُلد ابن تومرت في سوس (1080م تقريبًا)، وجاب المشرق باحثًا في الفقه والعقيدة.
- عاد إلى المغرب متأثرًا بعقيدة التوحيد والتنزيه، مهاجمًا التجسيم والانحراف.
- جمع حوله أتباعًا في جبال المصامدة، حيث أسس نواة "الموحدين".
- بشّر بنفسه كـ"مهدي منتظر"، مما منح دعوته بُعدًا مهدويًا تعبويًا.
من الدعوة إلى الدولة
- بعد وفاة ابن تومرت، تولى القيادة تلميذه عبد المؤمن بن علي، الذي حوّل الفكرة إلى مشروع دولة.
- هزم المرابطين، واستولى على المغرب والجزائر وتونس.
- عبر إلى الأندلس، فدخلت مدنها تحت سلطة الموحدين بعد تراجع نفوذ المرابطين.
العقيدة والتنظيم
- رفع الموحدون شعار التوحيد والتنزيه، وهاجموا كل أشكال الغلو أو التقليد.
- أقاموا نظامًا صارمًا من الرقابة الدينية والتعليم، وأدخلوا إصلاحات إدارية وعسكرية.
- فرضوا التجانس المذهبي في إمبراطوريتهم، مما منحهم قوة مركزية، لكنه خلق أيضًا توترات مع التنوع القائم.
ذروة القوة
- بلغت الدولة الموحدية أوجها في القرن السادس الهجري تحت حكم يعقوب المنصور (1184–1199م).
- هزموا الإسبان في معركة الأرك (1195م)، وأثبتوا أنهم القوة الإسلامية الكبرى في الأندلس.
- ازدهرت قرطبة ومراكش وإشبيلية بالعلوم والفنون في ظل رعايتهم.
الانحدار والسقوط
- بعد وفاة يعقوب المنصور، تفككت الدولة بسبب الصراعات الداخلية وضعف الخلفاء.
- جاءت الهزيمة الكبرى في معركة العقاب (1212م)، حيث تكاتفت قوى إسبانيا المسيحية ضدهم.
- تراجعت هيبتهم بسرعة، وفقدوا الأندلس تدريجيًا، ثم انكمشوا في المغرب.
- بحلول منتصف القرن السابع الهجري، انهارت دولتهم وخلفتهم سلالات محلية مثل المرينيين.
خلاصة تحليلية
الموحدون جسّدوا النموذج الأقصى للحركات الإصلاحية التي تتحول إلى إمبراطوريات:
- فكرة دينية صارمة تتحول إلى ثورة سياسية.
- تنظيم حديدي ينقلب إلى دولة مترامية الأطراف.
- نجاح مرحلي باهر، لكن على حساب التنوع الاجتماعي والسياسي.
لقد انتصروا حين كان خصومهم في ضعف وتفكك، لكنهم فشلوا في إدارة التعددية والحفاظ على الاستقرار. فسقطوا سريعًا، تاركين درسًا بليغًا: أن الدولة القائمة على صرامة العقيدة وحدها لا تصمد طويلًا في وجه تعقيدات التاريخ.