المسرحية الإنسانية الأمريكية: إدارة الأزمة الفلسطينية وفق مصالح استراتيجية

في كل مرة يتصاعد الصراع في غزة، تظهر الولايات المتحدة على أنها الوسيط العادل والمصلح الإنساني. بيانات طارئة، اجتماعات عاجلة، دعوات لتقديم المساعدات، كلها تُصوَّر إعلاميًا كخطوات حيادية لحماية المدنيين وإنهاء الأزمة. لكن الواقع على الأرض يكشف زيف هذه المسرحية: الحصار والتجويع والقصف مستمرون، بينما السياسة الأمريكية تتحكم في مجريات الأحداث بشكل استراتيجي يخدم مصالحها، لا مصالح الشعب الفلسطيني.

الهندسة الإعلامية للصراع

أمريكا تتقن فن تقديم الأزمة على أنها قضية إنسانية بحتة، فتخلق خطابًا عالميًا يُظهرها كحامية للمدنيين، بينما سياسات التجويع الإسرائيلية مستمرة دون أي ضغط فعلي. الاجتماعات الطارئة ليست سوى أداة لتخفيف الانتقادات الدولية وخلق وهم التدخل الإيجابي. الجمهور العالمي يُغذى يوميًا بسرديات تُبرز التدخل الأمريكي على أنه ضروري وحيادي، بينما الواقع يعكس العكس تمامًا.

السيطرة على السرديات

من خلال البيانات والاجتماعات العلنية، تسيطر أمريكا على سرد الأحداث: من هو المعتدي؟ من هو الضحية؟ وما هي الحلول الممكنة؟ بهذه الطريقة، تُحوّل الحقائق إلى "مسلسل إخباري" مدروس، يبرر استمرار الأزمة ويخفف الضغط على إسرائيل، ويضع الأحداث ضمن إطار يمكن التحكم فيه إعلاميًا وسياسيًا.

النتيجة الواقعية

الناتج النهائي هو مسرحية سياسية متقنة: شعارات إنسانية على المستوى الإعلامي، مقابل استمرار سياسات التجويع والسيطرة على غزة. الفاعل الحقيقي هو السياسة الأمريكية الاستراتيجية، التي تُصمّم إدارة الأزمة وفق مصالحها الجيوسياسية، لا وفق العدالة أو الإنسانية. كل اجتماع، كل بيان، وكل مؤتمر صحفي، جزء من هندسة الرأي العام العالمي لإبقاء الأزمة تحت السيطرة، مع الحفاظ على صورة أمريكا كـ"الوسيط العادل".

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.