
التكرار كأداة قوة
النشر المتكرر يعتمد على إعادة الحدث ذاته بصيغ متعددة، في مواقع مختلفة وعناوين متنوعة، أحيانًا مع تعديل بسيط في الصور أو الصياغة. كل إعادة نشر تعطي الحدث وزنًا أكبر، وكأن هناك اهتمامًا عالميًا متواصل.
الآليات الأساسية:
- إعادة الصياغة المتنوعة: تعديل العنوان أو الصورة يعطي إحساسًا بالحدث الجديد.
- التضخيم التدريجي: كل نسخة منشورة تضاعف أهمية الحدث في وعي الجمهور.
- توظيف خوارزميات التواصل: كل تفاعل — إعجاب، تعليق، مشاركة — يعزز انتشار الخبر ويضعه في مقدمة المنصات.
- تسليط الضوء المصطنع: حتى الحدث المحلي البسيط يُقدَّم على أنه قضية عالمية مؤثرة.
الهدف من النشر المتكرر
الغاية من هذه الاستراتيجية لا تكمن في إعلام الجمهور، بل في إعادة توجيه وعيه وإدارة اهتمامه:
- خلق وهم الأهمية: الجمهور يظن أن الحدث له تأثير كبير، بينما قد يكون هامشيًا.
- تشتيت الانتباه عن القضايا الكبرى: في الوقت الذي يُستنزف فيه وعي الناس على حدث مُعاد نشره، تمرّ القضايا السياسية والاقتصادية الكبرى دون متابعة نقدية.
- توليد تفاعل اصطناعي: يزيد التكرار من النشاط على المنصات الرقمية، ما يجعل الحدث جزءًا من دورة إدمانية مستمرة على الأخبار القصيرة والسطحية.
النشر المتكرر وأثره على العقل الجمعي
النتيجة أن الجمهور يعيش في واقع إعلامي مشوه، حيث تتضخم الأحداث البسيطة وتُظهر على أنها أزمات أو اكتشافات كبرى. العقل الجمعي يصبح مستنزفًا بالتركيز على السطحيات، بينما يغيب السؤال النقدي عن ما يحدث على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحقيقي.
هذا يربط مباشرة بمفاهيم البروباغندا الحديثة، حيث يهدف الإعلام إلى إلهاء الجمهور بدل تمكينه بالوعي النقدي. كما يتوافق مع نظرية غي ديبور عن مجتمع الفرجة، إذ يتحول المشهد الإعلامي إلى مسرح بصري مستمر يستهلك الانتباه دون أن يعزز الفهم الحقيقي للعالم.
التحديات والمخاطر
- تجريف الأولويات: المتلقي قد يعطي اهتمامًا كبيرًا للأحداث التافهة ويهمل ما هو حاسم.
- تدمير الفهم العميق: التحليلات الجادة تُهمّش أمام زخم العناوين القصيرة والصور الصاخبة.
- التأثير السياسي والاقتصادي: يمكن توجيه الرأي العام لصالح أجندات معينة عن طريق الإلهاء المستمر.