عشرون عامًا من الحرب الأفغانية: تم استبدال طالبان بطالبان

لم يكن التدخل الأمريكي في أفغانستان عام 2001 مجرد حرب عسكرية قصيرة، بل مشروعًا دوليًا ضخماً شارك فيه الناتو وأكثر من ثلاثين دولة، تحت شعار “مكافحة الإرهاب” وبناء دولة حديثة. غير أن حصيلة عقدين كاملين انتهت إلى مفارقة صادمة: استبدال طالبان بطالبان، بعد كل الدماء والأموال والوعود عن الحرية والديمقراطية.

سقوط سريع… واحتلال طويل

مع بداية الغزو الأمريكي، انهار حكم طالبان الأول خلال أسابيع قليلة. بدت المهمة سهلة: إزاحة سلطة متشددة وإحلال نظام جديد برعاية الغرب. لكن هذا الانتصار العسكري السريع تحول إلى مأزق استراتيجي؛ إذ لم يكن هناك مشروع سياسي داخلي متماسك، بل محاولة هندسة مجتمع بالكامل وفق النموذج الأمريكي.

20 سنة من بناء الدولة

على مدى عقدين، أُنفقت مئات المليارات لتشكيل جيش أفغاني من مئات الآلاف، ودُعمت حكومات موالية للغرب، وأُقيمت مؤسسات ظاهرها حديث لكنها بلا جذور اجتماعية. والنتيجة كانت نظامًا هشًا، يعتمد كليًا على الدعم الأجنبي، دون أي شرعية حقيقية في الداخل.

عودة طالبان… من الباب الواسع

في 2021، انسحب الأمريكيون والناتو، فتفكك الجيش الأفغاني بسرعة مذهلة، واستولت طالبان على العاصمة خلال أيام. ما سقط لم يكن “دولة” حقيقية، بل بناءً ورقيًا انهار مع أول اختبار. عادت طالبان إلى الحكم، لكنها هذه المرة بوجه أكثر براغماتية، محاولةً كسب اعتراف دولي تدريجي، مع الاحتفاظ بجوهرها العقائدي والسياسي.

دلالات الفشل الاستراتيجي

  • عجز القوة العسكرية: لا يمكن بالقصف والطائرات فرض نظام سياسي جديد في بيئة اجتماعية معقدة.
  • هشاشة الأنظمة المصطنعة: ما يُبنى بأموال الخارج ينهار مع انسحابها.
  • إعادة إنتاج الخصم: بدلاً من القضاء على طالبان، انتهت الحرب بتعزيز شرعيتها كقوة أمر واقع.

خلاصة

عشرون عامًا من الحرب، شاركت فيها الولايات المتحدة وحلف الناتو وأكثر من ثلاثين دولة، لم تغيّر المعادلة الجوهرية في أفغانستان. كان الحصاد في النهاية عودة طالبان نفسها، وإن بثوب جديد، وهو الدرس الأبلغ على أن القوة الغاشمة قد تفرض الاحتلال، لكنها لا تفرض الشرعية ولا الاستقرار.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.