إسرائيل: ثمانون عامًا من الدعم الغربي.. والكيان لم يحسم الصراع

منذ أكثر من ثمانية عقود، وُلدت إسرائيل كأداة استعمارية في قلب المنطقة، محمولة على وعود القوة الغربية ودعمها اللامحدود. خُصِّص لها فائض غير مسبوق من المال والسلاح والتحالفات، وصُوِّرت باعتبارها "المعجزة" القادرة على فرض سيطرتها الكاملة على فلسطين. لكن، وبعد كل هذا الزمن، يكشف الواقع عن حقيقة أخرى: إسرائيل مشروع لم يحقق غايته الأساسية، بل بقي عالقًا في مأزق وجودي لا ينتهي.

القوة بلا نهاية

امتلاك إسرائيل لأحدث الأسلحة، بما في ذلك النووي، لم يحسم الصراع. فالفلسطيني بقي متجذرًا في أرضه، والمقاومة بأشكالها كافة لا تزال تعيد إنتاج نفسها جيلاً بعد جيل. بذلك، تحولت القوة الإسرائيلية إلى وسيلة لإدارة الأزمة، لا لإنهائها.

كيان قائم على الدعم الخارجي

من دون المساندة الغربية، المالية والعسكرية والسياسية، كانت إسرائيل لتجد نفسها في مأزق وجودي. هذا الارتباط العضوي يجعلها أقرب إلى مشروع وظيفي يخدم مصالح الغرب، لا إلى دولة ذات استقلال حقيقي. فالدولة التي لا تستمد بقاءها إلا من الخارج، لا يمكن أن تُوصَف بالاستقرار الذاتي.

مأزق الشرعية

حتى مع مسار التطبيع العربي، بقيت إسرائيل كيانًا غريبًا عن المنطقة، مرفوضًا على مستوى الوعي الشعبي. لم تستطع بناء قبول إقليمي أو هوية طبيعية تتجاوز منطق القوة والإكراه. الشرعية التي تبحث عنها لم تُنتَج بعد، وما زالت تُقابَل بالرفض والمقاومة.

المشروع الذي فشل في غايته

وفق المقاييس التقليدية، إسرائيل ليست دولة فاشلة من حيث المؤسسات أو الاقتصاد. لكنها، في جوهرها، مشروع فاشل: لأنها لم تحقق الغاية التي قامت من أجلها—الهيمنة الكاملة وإنهاء القضية الفلسطينية. ما تحقق هو إدارة متواصلة للأزمة تحت حماية الخارج، لا حسمٌ للصراع ولا اندماجٌ في المحيط.

إلى أين يتجه الكيان؟

يبقى السؤال: هل إسرائيل دولة طبيعية يمكن أن تعيش بأفق تاريخي مستقل، أم مجرد وظيفة غربية في المنطقة محكومة بالبقاء طالما ظلّت الحاجة إليها قائمة؟ إن فشل المشروع في تحقيق غايته الأصلية يفتح الباب أمام إعادة التفكير في مستقبل الكيان ذاته.

الخاتمة

إسرائيل ليست "دولة ناجحة" كما تُسوَّق في الخطاب الغربي، بل مشروع مأزوم لم يبلغ غايته رغم فائض القوة والدعم. إنها كيان يعيش على الصراع لا بالانتصار فيه، وعلى الدعم لا بالقدرة الذاتية، وعلى القهر لا بالقبول. ومثل كل مشروع استعماري فشل في دمج نفسه داخل بيئته، يبقى مصير إسرائيل معلقًا على الخارج، بينما تتكفل الأرض بمن فيها بكشف حدود القوة وزيف الأسطورة.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.