
الوظائف: أرباح المستثمرين على حساب الدولة
يعد خلق الوظائف أول المزايا التي يُسوَّق لها. صحيح أن المستثمر الأجنبي يوفر وظائف، لكن غالبًا ما تكون مؤقتة، منخفضة الأجر، أو مرتبطة بمهام بسيطة لا تعزز مهارات العمال. الأهم أن هذه الوظائف تمول جزئيًا من أموال الدولة، سواء عبر تسهيلات ضريبية أو دعم للبنية التحتية، بينما تتدفق أرباح الشركات بالكامل إلى الخارج. النتيجة: زيادة وهمية في فرص العمل مقابل هدر ثروات الوطن.
التكنولوجيا والمعرفة: الحد الأدنى من الفائدة
يُسوَّق للاستثمار الأجنبي أيضًا على أنه ناقل للتكنولوجيا. الواقع مختلف: الشركات الأجنبية تحافظ على أسرارها الإنتاجية وتقنياتها الجوهرية، وما يُنقل غالبًا هو عمليات تشغيل معدات أو مهام سطحية، لا بناء قدرات صناعية أو تكنولوجية حقيقية. بمعنى آخر، الدول النامية تُستهلك مواردها بينما لا تصبح منتجة للتكنولوجيا أو المعرفة.
الإيرادات الحكومية: الربح محدود والتسهيلات كبيرة
الضرائب والرسوم غالبًا ما تُقدم على أنها منفعة للدولة. لكن في الواقع، المستثمر يحصل على حوافز وامتيازات ضريبية كبيرة، في حين تبقى الإيرادات الفعلية هزيلة مقارنة بالأرباح التي تُهَرَّب للخارج. الدولة تدفع لتجذب المستثمر، والمستثمر يربح أكثر، وهذا يعني أن “الاستثمار المباشر” غالبًا أداة لتهريب الأرباح المقنَّن.

الاعتماد الاقتصادي والهيمنة الأجنبية
الاستثمار الأجنبي بلا استراتيجية وطنية صارمة يُحوّل البلد إلى سوق مستهلك للموارد ويدفعه إلى اعتماد دائم على الخارج. الشركات الكبرى تهيمن على الأسواق المحلية، الموارد الطبيعية تُستنزف، والأرباح تتحول إلى الخارج، بينما الاقتصاد المحلي يبقى ضعيفًا وغير مستقل.
خلاصة نقدية
الاستثمار الأجنبي ليس بالضرورة ضارًا، لكنه ليس أداة سحرية للتنمية. الدول التي نجحت في تحويله إلى مكسب حقيقي فرضت شروطًا صارمة للربط بين الاستثمار والتنمية المحلية، وضمنت نقل التكنولوجيا، ودمجته مع سياسات تطوير الصناعة والتعليم، مع تنويع اقتصادي يمنع الهيمنة الأجنبية.
بدون ذلك، يبقى الاستثمار الأجنبي أوهامًا اقتصادية تخدع الشعوب، بينما يُحولها المستثمرون إلى مصدر أرباح هائل على حساب ثروات الوطن ومستقبله الاقتصادي.