في لحظة كاشفة، أظهر الهجوم الإسرائيلي على الدوحة أن القواعد الأمريكية في قطر ليست درعًا للحماية كما صُوِّرت لعقود، بل أداة سيطرة تخدم مصالح واشنطن وأمن إسرائيل أولًا. فما جدوى بقاء هذه القواعد إذا كانت تكبّل المضيف بدل أن تحميه؟
من درع إلى قيد: القواعد الأمريكية في قطر بعد هجوم الدوحة
لم يعد مبرر الوجود العسكري الأمريكي في قطر مقنعًا كما كان يُسوَّق لعقود. فالهجوم الإسرائيلي على الدوحة، في ظل وجود أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، كشف زيف خطاب "الحماية" الذي كانت واشنطن تتذرع به لتبرير بقاء قواتها. هنا يبرز السؤال الجوهري: إذا لم تمنع القواعد العدوان، فما جدواها الحقيقية اليوم؟
من الحماية إلى السيطرة
الولايات المتحدة كانت تقول: "وجودنا يحميكم من إيران، الإرهاب، أو الفوضى". لكن الواقع أثبت أن هذه القواعد لا تمنع حتى أقرب الحلفاء من ضرب عاصمة الدولة المضيفة. فهل كانت الحماية مجرد وهم؟ أم أنها كانت قناعًا لوظيفة أعمق: السيطرة على القرار السيادي القطري وربطه دائمًا بالمدار الأمريكي؟
أمريكا الآن أظهرت للعلن بوضوح أن قواعدها ليست لحماية المضيف، بل لحماية مصالحها الكبرى فقط. الضربة على الدوحة كانت كاشفة، لأنها عرّت الخطاب الأمريكي وأخرجت الحقيقة من دائرة التبرير الغامض إلى وضوح فاضح أمام الجميع.
منصة لقيادة المنطقة لا لحماية قطر
قاعدة العديد ليست درعًا لقطر، بل غرفة عمليات لإدارة حروب المنطقة. من هنا تنطلق الطائرات لضرب دول أخرى، ومن هنا يُدار المشهد العسكري الإقليمي. السؤال: إذا كانت القاعدة موجودة لأجل واشنطن لا لأجل الدوحة، فلماذا يُفرض على قطر تحمل تبعاتها؟
حماية المصالح لا الحلفاء
الحدث الأخير أكد أن أمريكا لا تدافع عن الدولة المستضيفة، بل عن مصالحها الخاصة: النفط، أمن إسرائيل، ومنع صعود منافسين. فإذا تعارضت حماية قطر مع هذه المصالح، تكون الأولوية دائمًا لمصالح واشنطن وتل أبيب. إذن: هل القواعد أداة أمن أم أداة ابتزاز استراتيجي؟
قطر بين القبول والاضطرار
يبقى التساؤل الأكثر حساسية: هل تمت الضربة الإسرائيلية بمعزل عن الدوحة، أم بترتيب ضمني يُجبر قطر على القبول؟ فالمعادلة القطرية معقدة: هي وسيط معلن مع حماس، ومستضيف لقاعدة أمريكية، وفي الوقت نفسه شريك اقتصادي غير مباشر لإسرائيل. هذه التناقضات تجعلها مكبلة أكثر مما هي محمية.
لماذا تكشف واشنطن الآن حقيقة قواعدها؟
السؤال غير الاعتيادي هنا: لماذا أظهرت أمريكا هذه الحقيقة في العلن الآن؟
- لأنها لم تعد بحاجة إلى قناع "الحماية" بعد أن ضمنت تبعية الخليج.
- لأنها تريد ترسيخ مفهوم أن الحماية مشروطة بالطاعة، وليست حقًا مضمونًا.
- لأنها تريد تكريس مركزية أمن إسرائيل على حساب أمن أي عاصمة خليجية.
- ولأنها تريد أن ترسل رسالة ردع واضحة: القواعد ليست ضمانًا لكم، بل قيدًا عليكم.
التبرير الجديد: الاستقرار والردع
بعد سقوط ذريعة "الحماية"، ستواصل واشنطن تسويق وجودها بعبارات مثل "الاستقرار" و"الردع الإقليمي". لكن خلف هذه العبارات، الهدف الحقيقي أوضح: ضمان أن الخليج لا يخرج من المدار الأمريكي، والإبقاء على إسرائيل جزءًا من المعادلة الأمنية، حتى لو على حساب حلفاء مثل قطر.
بهذا، يتحول السؤال من: "لماذا لم تحمِ القاعدة قطر؟"
إلى سؤال أعمق: "هل القاعدة أصلاً وُجدت لتحمي قطر، أم لتقيّدها؟"
هجوم إسرائيل على الدوحة كشف زيف خطاب الحماية الأمريكية. فما جدوى وجود القواعد الأمريكية في قطر اليوم؟ تحليل يوضح تحولها من درع أمني إلى قيد استراتيجي.
