
الرد العربي المنتظر... في أحسن الأحوال
في المشهد المثالي الذي يتخيله الرأي العام العربي، يُفترض أن تكون هناك خطوات عملية واضحة، مثل:
- موقف جماعي في مجلس الأمن والأمم المتحدة بضغط لإدانة إسرائيل كدولة معتدية.
- تجميد مسار التطبيع ولو بشكل مؤقت، كرسالة ردع سياسي.
- تفعيل معاهدات الدفاع العربي المشترك ولو بالحد الأدنى من التنسيق الأمني.
- استخدام أدوات اقتصادية مثل تقليص التبادل التجاري أو وقف التعاون في مجالات حساسة.
لكن هذا السيناريو أقرب إلى الخيال السياسي منه إلى الواقع، لسبب بسيط: الانقسام العربي البنيوي أقوى من أي تهديد خارجي.
الرد العربي المحتمل... وفق منطق الواقع
السيناريو الواقعي المتوقَّع لن يخرج عن واحد من ثلاثة مسارات:
1. الإدانة اللفظية المكثفة
تصريحات شديدة اللهجة، بيانات من الجامعة العربية، واجتماعات طارئة بلا أي نتائج عملية. هذا النمط مألوف منذ عقود، من قصف بيروت إلى ضرب بغداد وغزة.
2. التحرك الفردي بدل الجماعي
- قطر ستقود المعركة دبلوماسيًا منفردة، عبر الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.
- بعض الدول ستؤيدها لفظيًا لكنها لن تربط ذلك بأي التزام عملي.
- دول أخرى ستصمت أو تكتفي بمواقف "محايدة" لعدم خسارة علاقتها بإسرائيل وأمريكا.
3. إعادة صياغة خطاب التطبيع
- بدلًا من وقف التطبيع، ستتبنى الحكومات خطابًا أكثر براغماتية: "التطبيع ضرورة أمنية لحماية الدولة من أن تكون الهدف القادم".
- هذا يعني أن الضربة قد تتحول من رادع لإسرائيل إلى ذريعة لبعض الأنظمة لتبرير التمسك بخطاب التطبيع.
بين الشعوب والأنظمة
- الشعوب ستعتبر ما حدث فضيحة كبرى لمسار التطبيع، وستزداد المعارضة الشعبية لأي تقارب مع إسرائيل.
- الأنظمة ستسعى لاحتواء الغضب الداخلي عبر بيانات قوية، دون أي خطوات عملية قد تكلفها مواجهة مباشرة مع واشنطن أو تل أبيب.
الخلاصة
الرد العربي "المنتظر" لن يأتي، والرد "المحتمل" لن يتجاوز الشجب الدبلوماسي وبعض التحركات الفردية. إسرائيل تدرك ذلك جيدًا، ولذلك تجرأت على قصف عاصمة عربية ذات سيادة.
الخطر الحقيقي ليس فقط في الضربة نفسها، بل في أنها تكشف مستقبلًا عربيًا بلا حصانة، حيث كل دولة تنتظر دورها بصمت، بدلًا من أن تبني جبهة ردع مشتركة.