المعادلة المستحيلة: دولة فلسطينية بلا مقاومة أم مقاومة بلا دولة؟

شرط الأمم المتحدة: دولة فلسطينية بلا سيادة؟

القرار الأممي الأخير الذي دعا إلى إقامة دولة فلسطينية مشروطة بتجريد حماس من السلاح يكشف طبيعة التوازنات الدولية أكثر مما يعكس حرصًا على إنهاء الاحتلال. فالمعادلة المطروحة ليست "دولة للشعب الفلسطيني"، بل "كيان منزوع القوة" مرتهن للوصاية الدولية والإسرائيلية.

السلاح كشرط وجود

تجربة التاريخ تؤكد أن أي حركة مقاومة فقدت سلاحها انتهت سياسيًا وعسكريًا. حماس تدرك أن السلاح ليس ورقة تفاوض بل هو عنصر وجود. من دونه تتحول إلى نسخة من السلطة الفلسطينية: جهاز إداري بلا قوة، محاصر بالالتزامات الدولية والإسرائيلية. لذلك، فإن التخلي عن السلاح يعني عمليًا انتحارًا سياسيًا.

لماذا صدر القرار بهذا الشكل؟

القرار الأممي لم يأتِ من فراغ، بل يعكس حسابات القوى الكبرى التي ترى في المقاومة المسلحة تهديدًا مباشرًا لمصالحها. الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يسعى إلى هندسة "حل سياسي" يضمن أمن إسرائيل أولًا، ويمنع ظهور نموذج مقاوم قابل للتكرار في المنطقة. لذلك جاء النص مشروطًا بتجريد حماس من السلاح:

  • لإعادة السلطة الفلسطينية كوكيل أمني وسياسي بديل.
  • لتسويق فكرة "دولة" فلسطينية شكلية أمام الرأي العام العالمي.
  • ولإرضاء الداخل الغربي الذي يضغط لإنهاء الكارثة الإنسانية، دون المساس جوهريًا بالهيمنة الإسرائيلية.

الهدف الغربي من الشرط

الغرب لا يسعى إلى دولة فلسطينية ذات سيادة، بل إلى كيان منزوع المقاومة، وظيفته إدارة السكان تحت سقف الاحتلال. شرط نزع السلاح يضمن لإسرائيل "أمنًا مجانيًا"، ويضمن للغرب سلطة ضعيفة قابلة للابتزاز الاقتصادي والسياسي في أي وقت.

التناقض مع مفهوم الدولة

الدولة بطبيعتها تحتكر العنف الشرعي. لكن القرار الأممي يشترط قيام "دولة فلسطينية" بلا قوة مسلحة حقيقية، بينما يترك لإسرائيل جيشًا كاملًا محتلًا. هذه ليست دولة، بل "إدارة مدنية" مسقوفة بالهيمنة الإسرائيلية، ومقيدة بمعايير أمنية تضمن استمرار التفوق الإسرائيلي.

خطورة المعادلة الجديدة

  • عزل المقاومة: القرار يشرعن تجريم أي قوة فلسطينية تحمل السلاح ضد الاحتلال.
  • إعادة تدوير السلطة: تقديم السلطة الفلسطينية كبديل "معتدل" و"مقبول دوليًا".
  • تثبيت الاحتلال: الاحتلال يتخفف من كلفة السيطرة المباشرة، ويُحاط بضمانات دولية لردع أي تهديد مسلح.

السيناريوهات المحتملة

  • رفض حماس للشرط: سيجعل القرار الأممي حبراً على ورق، ويكشف انفصال المجتمع الدولي عن الواقع.
  • قبول السلطة بالشرط: يعمق الانقسام الداخلي الفلسطيني، ويفتح صراعًا جديدًا على الشرعية بين سلطة وظيفية ومقاومة متمسكة بالسلاح.
  • استمرار المقاومة: سيجعل المجتمع الدولي في مأزق؛ دولة بلا مقاومة ليست ممكنة، ومقاومة بلا دولة تبقى أمرًا واقعًا.

خاتمة

شرط الأمم المتحدة ليس خطوة نحو السلام، بل نحو إعادة صياغة الاحتلال بغطاء دولي. فالدولة التي تُبنى على شرط التخلي عن السلاح، هي في الحقيقة دولة بلا سيادة، ومجرد إدارة انتقالية لتطبيع الاحتلال. أما السلاح، بالنسبة للمقاومة، فهو ليس خيارًا تكتيكيًا، بل شرط بقاء.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.