
السلطة كأداة أمنية
منذ نشأتها، ارتبطت السلطة الفلسطينية بالتنسيق الأمني مع إسرائيل. المهمة المركزية لم تكن بناء مؤسسات الدولة، بل ملاحقة أي نشاط مقاوم يهدد أمن الاحتلال. هذا الدور جعلها في نظر قطاعات واسعة من الشعب جهازًا أمنيًا وظيفيًا، يعمل لحساب إسرائيل أكثر مما يعمل لخدمة مشروع وطني.
الوظيفة الاقتصادية
لم تكن السلطة تملك استقلالًا اقتصاديًا يومًا؛ فهي تعيش على أموال المقاصة التي تتحكم بها إسرائيل، وعلى المساعدات الغربية المشروطة سياسيًا. هذه البنية جعلتها رهينة قرار خارجي، عاجزة عن إدارة شؤونها إلا بما يتناسب مع حسابات الاحتلال والمانحين.
الواجهة الدبلوماسية
يحرص الغرب على إبقاء السلطة واجهة “دولة فلسطينية” في المحافل الدولية، دون أن يتيح لها مقومات الدولة. فهي تؤدي وظيفة مزدوجة: تمنح الفلسطينيين "رمزية التمثيل"، وتمنح إسرائيل في الوقت ذاته غطاءً لتسويق عملية سياسية فارغة.
قرار الأمم المتحدة: إعادة تدوير الوظيفة
القرار الأخير الذي يشترط تسليم غزة للسلطة بعد تجريد حماس من السلاح، لا يحمل أي بعد سيادي حقيقي. بل يعيد صياغة السلطة بوصفها وكيلًا أمنيًا لإسرائيل في غزة، كما هي في الضفة. هنا تكمن المفارقة: مؤسسة فاقدة للشرعية الشعبية، مهترئة داخليًا، تُعاد صناعتها بقرار أممي لتؤدي الدور نفسه في ساحة جديدة.
التناقض الكامن
كلما توسعت السلطة في وظيفتها الأمنية، كلما انكشفت أمام شعبها كأداة احتلال غير مباشرة. إعادة إنتاجها بهذه الصيغة قد يمنحها غطاء دوليًا، لكنه يسرّع في المقابل تآكلها داخليًا. فالسلطة التي يُراد لها أن تكون “دولة بلا مقاومة”، قد تتحول عمليًا إلى مؤسسة بلا دولة ولا مقاومة ولا شرعية.
خاتمة
القرار الأممي الأخير لا يعكس إرادة دولية حقيقية في إنهاء الاحتلال، بل يعكس سعيًا لإدامته عبر أدوات محلية. والسلطة الفلسطينية، بدل أن تكون رافعة لبناء الدولة، تُعاد صياغتها كـ"مؤسسة وظيفية" تخدم أمن إسرائيل، وتؤجل إلى أجل غير مسمى أي إمكانية لسيادة فلسطينية حقيقية.