
الطاقة كأداة لإعادة تشكيل التحالفات
الاعتماد على النفط والغاز جعل قرارات الحرب والسلم مرهونة بمناطق محددة، خصوصًا الشرق الأوسط وروسيا. أما اليوم، فإن الليثيوم والكوبالت والنيكل واليورانيوم تعيد صياغة دوائر النفوذ. الدول التي كانت على هامش الجغرافيا السياسية للطاقة تجد نفسها فجأة في صدارة المشهد، لتصبح شريكة أو خصمًا بحسب موقعها من سلاسل التوريد الجديدة.
تقليص التبعية وكسر الاحتكار
الغرب يسعى إلى التحرر من "ابتزاز الطاقة" الذي مارسته القوى المصدرة للنفط والغاز. بالتحول إلى الشمس والرياح والهيدروجين، تستطيع الدول الصناعية الكبرى أن تُحصّن اقتصاداتها ضد تقلبات السوق العالمي، وتخفف من قدرت خصومها على استخدام الطاقة كسلاح جيوسياسي.
سباق التكنولوجيا والتحكم في المستقبل
كما كان امتلاك مصافي النفط وخطوط الإمداد ورقة قوة في الماضي، فإن امتلاك تكنولوجيا البطاريات، الهيدروجين الأخضر، والمفاعلات النووية الصغيرة يمثل اليوم رأس المال الاستراتيجي للقرن الجديد. الصين تستثمر في السيطرة على سلاسل الإمداد من أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، بينما تحاول الولايات المتحدة وأوروبا اللحاق عبر بناء تحالفات تقنية وصناعية عابرة للقارات.
صعود مناطق وتراجع أخرى
-
الشرق الأوسط يواجه خطر تراجع مكانته إذا لم ينجح في إعادة تدوير ثرواته النفطية إلى مشاريع طاقة متجددة.
-
أمريكا اللاتينية، الغنية بالليثيوم، تتهيأ لتكون مركزًا استراتيجيًا للطاقة الجديدة.
-
أفريقيا مرشحة للاندماج في الصراع العالمي بفضل مواردها المعدنية، لكنها مهددة بالتحول إلى ساحة تنافس بين القوى الكبرى بدلًا من أن تكون لاعبًا مستقلًا.
الخلاصة: الجغرافيا السياسية في طور التحول
الطاقة النظيفة ليست خيارًا أخلاقيًا ولا مجرد استجابة لضغط بيئي؛ إنها معركة إعادة توزيع السلطة في العالم. ومن يتأخر عن إدراك هذه الحقيقة سيجد نفسه خارج النظام الدولي الجديد، في موقع التابع لا الفاعل.