خطة ترامب للسلام: إدارة السيطرة لا صناعة السلام

من جديد، يطلّ الرئيس الأمريكي بخطة سلام من 21 نقطة لإنهاء حرب غزة، لكن الواقع السياسي يُعرّي هذه المبادرات قبل أن يجف حبرها. فالمنطقة كلها تدرك أن أي تفاوض أو اتفاق لا يمكن أن يولد دون رعاية أمريكية مباشرة، وأن واشنطن هي الحارس الفعلي لمسار التفاوض وحدوده. فما حقيقة هذه الخطة؟ ولماذا يُعاد طرحها رغم أن مصير مثيلاتها كان الفشل أو التعليق؟

أداة جبر لا مشروع سلام

الولايات المتحدة لا تطرح خططًا للسلام بقدر ما تعيد صياغة آليات السيطرة. فالمقصود من هذه المبادرات هو تثبيت صورة واشنطن باعتبارها الحكم الوحيد في المنطقة، ومنع أي طرف إقليمي من التحرك خارج المدار الأمريكي. بذلك، تتحول "خطة السلام" إلى أداة لإعادة ترسيخ الجبر السياسي، لا إلى جسر حقيقي نحو حل.

استهلاك إعلامي ومساومات استراتيجية

هذه الخطط تأتي غالبًا في لحظات تصعيد ميداني حاد، فتُسوَّق على أنها حلول إنقاذية، بينما هي في حقيقتها أوراق ضغط ومساومة: تمنح واشنطن هامشًا لإدارة الأطراف، وورقة تفاوض إضافية في علاقاتها مع إسرائيل والدول العربية. التنفيذ الكامل ليس هدفًا، بل يكفي الإعلان لفرض الإيقاع الأمريكي من جديد.

الفشل المقصود

الاتفاق الأخير في قطر—الذي تم قصف المفاوضين خلاله—يكشف أن الفشل ليس عارضًا، بل جزء من المعادلة. فأي محاولة تفاوضية لا تنسجم بدقة مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية يتم إفشالها، سواء بالضغط أو حتى بالقوة المباشرة. بهذا، يبقى الجميع داخل إطار مرسوم سلفًا: لا حلول خارج وصاية واشنطن.

الخلاصة: إدارة الصراع لا إنهاؤه

خطة ترامب ليست مبادرة سلام، بل إعادة إنتاج لآلية التحكم. فواشنطن لا تسمح بحلول جذرية، بل تدير الصراع بما يضمن استمرارية الاعتماد على حمايتها. السلام الحقيقي يُفترض أن ينهي الوصاية الأمريكية، وهذا ما لا تسمح به قواعد اللعبة الجبرية التي فُرضت على المنطقة منذ عقود.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.